المجد والخلود للثورة الارترية وشهدائها

2016-07-18 17:46:23 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 3007 times

الكل يدرك أن الثورة الارترية قامت لأهداف موضوعية مواكبة لعصرها، ومما يجعلها كذلك أن تلك الثورة أتت نتاج مخاض تاريخي طويل جرب فيه الشعب الارتري كافة الأسلحة السياسية والسبل السلمية في استخلاص حقوقه السيادية، واقتنع الجميع من ثم أن لا مفر أمام شعبنا من إعلان الكفاح التحرري المسلح. لكن ثورتنا ككل الحركات والتحركات من هذا النوع لم تكن مستوفيةً شروط واستعدادات قيام الثورة بنسبة 100%، لذلك كان لابد من أن تحمل في أحشائها بعض النواقص والعيوب التي من الممكن معالجتها خلال مسيرتها النضالية، وعلي الرغم من كثرة الأعداء والمغرضين الذين كان بإمكانهم العودة بعجلة الثورة الي الوراء مستغلين تلك النواقص والعيوب، إلا أنهم أطالوا أمد استمرار الثورة لكن لم يستطيعوا إجهاضها في المهد.

 

مفجرو الثورة كان ينقصهم الكثير من المؤهلات، لكن تمتعهم بالشجاعة والثقة بالنفس أتاح لهم إشعال قنديل الثورة بصورة مبهرة وجاذبة، تواضع الإمكانات مع موضوعية وعدالة القضية لم يأخذ من هؤلاء الرواد وقتاً طويلاً في إقناع الكثيرين بأن الثورة ثورة الجميع وللجميع وليست خاصة بمنطقة أو قطاع أو فئة بعينها، وبذلك برهنت الثورة الارترية أن قلة العدد وضعف الإمكانات مع عدالة القضية قد يتحولان الي قوة وتزايد في الكم والنوع، بينما كثرة العدد وقوة الجبروت لا يصنعان قضية، بل قد يؤديان الي اضمحلال وانهيار القوة والجبروت وانفراط الأمر. علي أننا بذلك لا نعني أن أولئك الرواد الأبطال الذين يتمتعون حتى اليوم بإجلالنا وتقديرنا ملائكة معصومون من الخطأ، إلا أن الأمر المسلم به هو أن إيجابياتهم كانت أكثر من سلبياتهم وقبولهم لدى الشعب كان عالياً، مما يحتم إكبار واحترام تضحيتهم بالنفس دعك عن المال والولد.

 

مسيرة ثورتنا لم تتسم بالطول فحسب، بل اتسمت بوعورة الطريق أيضاً، كما لم تكن بنادقها مصوبة دوماً نحو العدو فقط. بل كان هناك مساوئ وتحركات ومشكلات داخلية كثيراً ما كانت تطل برأسها من حين لآخر متجاوزةً كل الجهود التي كانت تبذل لإخفائها أو قمعها. ووصل الأمر ببعض تلك التمردات الي القتال الذي ذهب ضحيته أبطال يستحقون كل التجلة والتقدير. كما أن ذلك القتال الأهلي لم نتعاف بعد من جروحه ودمامله. ولكل التنظيمات الارترية حيز من التجربة التاريخية التي تعدى فيها الخلاف بينها التوتر وسفك الدماء الي الاستعانة حتى بالقوى الأجنبية، لذا في يومنا هذا المطلوب هو الانشغال بالحاضر والواقع الماثل أمامنا لا بتقليب دفاتر التاريخ الذي لكل فصائل الثورة نصيب من صفحاته. وهذا ما يجعلنا نترك العيوب والنواقص في مسيرة الثورة للتاريخ يحكم لها أو عليها، مقدرين كل التقدير للثورة في حد ذاتها ولكل شهدائها أصحاب المبادئ الوطنية السامية. وما يحدث في ارتريا اليوم لا يمت الي الثورة وشهدائها بصلة بقدر ما يمت بألف صلة وسبب الي القوة التي تتربع علي عرش السلطة في أسمرا دائسةً علي وصايا وتضحيات الشهداء بمداسٍ من حديد.

 

عندما نقول إن الثورة الارترية غالية وعزيزة، لا نقول ذلك لأنها ممهورة بتضحيات مادية أو بشرية غالية، إن عزة ونفاسة ثورتنا وشهدائها تنبع من ما تحقق بفضل تلك التضحيات من الاستقلال والسيادة الوطنية والذَيـْــنِ لا يقدران بثمن. ولذلك ستظل تلك التضحيات وما تحقق بفضلها من الاستقلال والسيادة الوطنية عزيزةً علي قلوبنا مهما كانت رداءة الظروف السياسية التي نعيشها اليوم أو عشناها في أي عهدٍ من العهود. وستظل كرامة وعزة التضحيات وثمارها محط وشرف واعتزاز كل ارتري وليس فقط من يرون أنفسهم أصحاب شرف عالٍ ورتبة عالية ونصيب أوفر في تحقيق السيادة الارترية.

 

إننا لا نكيل بهذه الكلمات المديح والإطراء لثورتنا وثوارنا الأشاوس لأنهم ينتمون الينا، بل هذا ما قاله عنا الأجانب لما رأوه من تجاوزنا لتحدٍّ لم يبدُ في الأفق ما يشير الي إمكانية تجاوزنا له. بل صارت ثورتنا قدوة ثورية لحركات ثورية أو سياسية مكنتها من استلهام آيات النصر ووسائله الي أن تمكنت من تحقيق أهدافها. قوى الاستعمار بدورها وإن لم تصرح بذلك شفاهةً لكنها اعترفت عملياً بأن سر انتصار ثورة ارتريا إنما يكمن في عدالة قضيتها وإخلاص ثوارها.

 

لكن قوى الغدر بالثورة التي احتكرت قطف ثمار الثورة لنفسها فقط أوصلتنا اليوم الي أن نصير حديث العالم لنتبوأ مكاننا بين أسوأ الدول والأمم في العالم تدهوراً وجرماً وإدانة في كل مجال من المجالات. ولأنه لا الثورة ولا شهداؤها الأبطال من أوصلونا الي ما نحن عليه من سوء، يجب أن لا ندخل الثورة وشهداءها مجال المماحكة والمساومة السياسية، بل يجب أن نظل ممسكين بجمرة مبادئ ووصايا الثورة وشهدائها وحريصين علي إنفاذها ما وجدنا الي ذلك سبيلاً. علينا أن نبحث عن أسباب قصورنا الحالي في وضعنا الحالي، لا أن نتطاول علي منجزات وحتى أخطاء الثورة والشهداء. لذلك نقول لهؤلاء المتطاولين تواضعوا وفتشوا عن عيوبكم في مكامنها بدلاً من مناطحة الصخور الصلبة والقامات الشامخة.  

       

Last modified on Monday, 18 July 2016 19:51