الهقدف والشعب وجهاً لوجه

2016-05-14 19:11:45 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2398 times

منذ مدة ليست بالقصيرة صار موضوع العلاقة بين الشعب الارتري وحكم الهقدف أحد أهم الأجندة السياسية المثيرة للجدل. ولأنه – الهقدف – يصول في البلاد بلا رقيب ولا حسيب ولا منافس سياسي أو اقتصادي، فلا أحد يقف أمامه متحدياً ليقول له هذا صحيح وهذا خاطئ. لذلك اعتبر البلاد إقطاعيته التي يتصرف فيها بما يحلو له، أما الشعب فمن أين له أن ينبس ببنت شفة وهو في هذا السجن الكبير.

 

الزمن خير حكم كما يقولون، لذا مزق الزمن كل أستار حيل وأكاذيب الهقدف حول علاقته بالشعب، وظهرت الحقيقة عاريةً غير قابلة للتدليس، إذ تأكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذه العلاقة ما هي إلا علاقة مضطهد (بكسر الهاء) ومضطهد (بفتح الهاء)، سجان وسجين، قاتل ومقتول، إذاً لم تعد العلاقة بينهما كما كان يدعي أنهما روحان في جسدٍ واحد، بل هما ضدان متوازيان غير قابلين للتلاقي.

 

لم يعد اثنان يختلفان حول ما إذا كان الشعب والهقدف نقيضين لا يلتقيان، بل انتقل السؤال عن درجة تأثيرهما علي الرأي العام، من مع الشعب ومن مع الطرف النقيض، لا شك قد مرت علي الشعب الارتري أيام لم يكن فيها يسمح بالنيل من الهقدف، بل كان يرى نقد الهقدف من العيوب، إنها أيام سكرة الاستقلال، لكن الهقدف يوماً فيوماً، لم يزدد من الشعب إلا بعداً ونفوراً، فأصبحت العلاقة بالهقدف اليوم علي العكس عيباً وأيما عيب. وهذه خطوة كبيرة من خطوات تدهور الهقدف يمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في إنجاح جهودنا الدبلوماسية وكل نشاطاتنا الخارجية علي الأصعدة الشعبية والرسمية. وهذه الدرجة من التدهور بين فريقي الشعب والهقدف من صالح قوى المعارضة والتغيير، هذه الحالة المثالية ليست هدية لنا من النظام وإنما حالة اضطرار جبرية ناتجة عن النضال الصابر والدؤوب الذي خاضته قوى المعارضة وهي يومئذٍ قليلة العدد ضئيلة الإمكانات لكنها كانت شديدة الإيمان بتغيـُّــر الموازين لصالحها، وها هو الوقت قد مضى سراعاً وانضم اليها أناس من النظام لم يكن أحد يتوقع انشقاقهم عنه، فأصبح الشعور بالعيب والخجل وقلة العدد من خصائص الهقدفيين لا من خصائص المعارضة.

 

ذلك لا يعني أن ليس هناك قلة منبوذة من الشعب ومعادية له ومصادقة للهقدف حتى اليوم تصدر من حين لآخر أصواتاً نشازاً تصادم إيقاع قلوب الشعب. حدث ذات يوم أن واحداً من مثقفي الهقدف وفي إجابة له علي سؤال مفاده: (لماذا لا يسلم الهقدف السلطة للشعب؟)، أجاب قائلاً: (بما أن الهقدف قد أتى بالاستقلال فمن حقه التمتع بالسلطة الي ما شاء)، والإجابة لا شك تدل علي مدى الهشاشة الفكرية لمؤيدي الهقدف مهما بلغت ثقافتهم وعلت درجاتهم الأكاديمية.

 

ذكرنا فيما مضى من السطور أن القوى المعارِضة للهقدف هي اليوم الأكثر من الناحية الكمية، لذلك أمامنا مهمة عظيمة ألا وهي تحويل هذه الطاقة الكمية الي طاقة نوعية فعالة تسرع من خطوات النصر. ومما يصعب مهمتنا أكثر أن الهقدف لن يألو جهداً في إمالة ميزان القوة لصالحه بشتى الوسائل، لذا فهو دعك من الشعب المرتهن بالداخل، لم يتخل عن السير في تغيير مواقف حتى الشباب الذين أخرجهم من بلادهم كرهاً وشتت شملهم في شتى المنافي بكتابة صكوك الاعتراف والتراجع عن خطأ أقوالهم بشأنه، ونحن هنا لا نجزم أنه لن يحصل علي نتيجة إيجابية من مسعاه هذا، لا شك سيؤثر علي قلة من السذج.

 

علينا نحن في معسكر المعارضة أن نعطل هذه الخطة الماكرة للنظام ونكشف محاولاته لإلهاء وتشتيت طاقات وأذهان قوى التغيير. نقوم بذلك بإصلاح الأحوال داخلنا في المقام الأول دون أن نعتمد علي تسقط أخطاء وأخبار الهقدف فقط. لدينا الكثير مما نقوم به بأنفسنا دون أن نتأثر بما يجري علي مسرح الهقدف، ويأتي علي رأس ذلك لملمة أطراف قوانا المبعثرة وتوجيهها الوجهة الصحيحة، وهذه المهمة علي وعورتها تتطلب التسامح والتحمل والاقتناع بعدم جدوى العمل فرادَى، والمهمة تبدو من الناحية المظهرية والنظرية سهلة المنال لكنها في الواقع العملي شديدة الصعوبة، فالقوى والطاقات متوفرة ولكن القدرة علي توحيدها وتنسيقها ما تزال ضئيلة والعزم عليها ما زال ضعيفاً. أقل ما يمكن أن نحذر منه داخلنا تبادل التصنيفات والتقليل من شؤون بعضنا، فالهقدف سوف يستفيد كثيراً من نعت بعضنا بعضاً بالقدامى والجدد، الشعبويين والجبهويين، المعارضة الناعمة والمعارضة الخشنة...الخ، أما الشعب فلم يعد بحاجة الي من يلقنه الدروس عن من عدوه ومن الصديق، فقد تعلم قبل كل شيء من سوط المعاناة الذي يلهب ظهره كل صباح، من أبنائه الذين أصبحوا بسبب الهقدف نهباً للموت برصاص قناصة حرس الحدود أو غرقاً في البحار وعطشاً في الصحاري والفيافي، لقد مضى عهد الخداع والتغني ب(نحن الشعب والشعب نحن)...الخ خزعبلات الهقدف.       

Last modified on Saturday, 14 May 2016 21:15