استقلالنا ثمرة نضالنا المرير وليس هبة من أحد

2016-05-07 19:48:38 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2445 times

عندما تأكد للشعب الارتري أنه لن ينال استقلاله بغير الكفاح قرر خوض نضاله في سبيل الاستقلال. ولتحقيق هذه الغاية كان لابد له من وسيلة فاعلة، ألا وهي التنظيم والتأطير، والتنظيم لا شك رابطة تربط المناضلين من أجل هدف واحد في إطار واحد يجعل مجهوداتهم أكثر فاعليةً وقوة، والتنظيم لا يتأتى كيفما اتفق بل له قوانينه الذاتية والموضوعية القائمة بذاتها، وعلي مدى هذه الفاعليةً والقوة يعتمد النجاح أو الفشل في إنجاز المهام المطلوب تحقيقها.

 

بغض النظر عن خلافات واقتتالات فرقاء الثورة الارترية الذين حملوا السلاح لتحقيق الاستقلال، إلا أنه كان لكل منهم إسهامه المقدر في تحقيق الهدف المشترك. ولأن التنظيمات الناشطة في حقل النضال التحرري من الشعب واليه مآلها، يعتبر الشعب صاحب النصر الكبير الذي تحقق. والشعب لم يكتف فقط بأن يكون مصدر الشباب وقود الثورة، بل كان له دور لا يقل عن دور حاملي السلاح في تزويد الثوار بالمقومات اللوجستية وتقديم جميع خدمات الاستخبارات وتولي الشؤون الصحية وتوفير كل ما يحتاجه الثوار في الجبهتين الخلفية والأمامية. ولذلك السبب لم يكن الشعب في نظر المحتل أيضاً بأقل ضرراً بالنسبة له من حاملي السلاح، فنال منه الشعب بدوره نصيباً كبيراً من الفتك والتنكيل أفراداً وجماعات.  

 

لكل تنظيم لا شك دوره المميز في التوعية والاستنهاض وما يجب أن تكون عليه طرق الاستقطاب، إلا أنه ومهما كان تميز التنظيم فهو ليس فوق العامل الشعبي، إذ العلاقة بين التنظيم والشعب كالعلاقة بين البحر والسمك، فالتنظيم يستمد قواه من الشعب، إن تعامل أي تنظيم مع جدلية دور الشعب بالثورة أمر من الأهمية بمكان يؤهله لأن يكون موضع دراسة المختصين في التاريخ والسياسة والاجتماع. لكن ما حدث لهذا الشعب بعد بزوغ فجر الاستقلال من إهمال وتجاهل وسوء معاملة وقلة تقدير قد يعبر بعض الشيء عن نظرة التنظيمات حول دور وأهمية الشعب كمصدر أساسي لوقود الثورة.

 

كلٌّ منا كان يرى بطريقته الخاصة أن شعب الريف صانع للاستقلال وشعب المدن الذي صنع البطولات والمعجزات في مساعدة واحتضان الثورة كمستلم للثورة مثلها مثل أي تحفة فاخرة تعطى له. ما يزال البعض يحمل النظرة الدونية لدور العناصر المدنية في الثورة ويميز بين المدني وحامل السلاح. قد يحق لحامل السلاح تقلد الأوسمة والنياشين ونيل الترقيات المختلفة لدوره المتميز في صنع الاستقلال، علي أن لا يكون ذلك مطيةً للافتئات علي حقوق وأدوار الشعب الأساسية، أما التعالي علي الشعب والتنكر لدوره فهو أمر ليس بأقل من جريمة تاريخية ترتكب بحق الشعب حامي حمى الثورة. لذلك لن يستبعد أن يكون الاستخفاف الحالي بدور الشعب نابعاً من روح التعالي هذه.

 

إنه وإن كان الشعب لم يستمتع بعد بثمار استقلاله فهو سيد المحتفلين بذكرى اليوبيل الفضي للاستقلال دون أن ينتظر من حكومة الهقدف قص شريط احتفاله بهذه المناسبة التي هي من صميم صنعه. إننا يجب أن لا نحاول تبخيس ملحمة وقيمة الاستقلال ظناً منا بأننا نلحق ضرراً بالهقدف، إن الاستقلال ثمرة عظيمة من ثمار نضال الشعب وليس هدية أو منحة من أيٍّ كان، وإن سرقت أو اختطفت ثمرته اليوم فهي لا محالة عائدة الي صاحبها الشعب طال الزمن أم قصر. إن ذكرى الاستقلال ليست باليوم السار للهقدف والحزين للشعب الارتري، إنها فرحة الشعب لا غيره، بالطبع قد يختلف الاحتفال وأغراضه بين الشعب والنظام، فالهقدف يغني في هذا الاحتفال علي ليلى الرخاء الاقتصادي والأمني المفقود في الواقع، بينما يغرد الشعب بأسره في أسره مردداً أنه سوف يناضل بلا هوادة لاسترداد حقه بالتمتع بثمرة استقلاله. لذلك علي الشعب أن لا يرى الاستقلال هبة من الهقدف أو غيره وإنما ثمرة عطائه الثر ونضاله الجسور.     

Last modified on Saturday, 07 May 2016 21:55