فلنتمسك بوحدتنا بقوة

2015-09-09 19:31:03 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2543 times

( لنحافظ علي وحدة ارتريا أرضاً وشعباً ) شعار نبيل لطالما ظل يرفعه ويتمسك به كل الارتريين الشرفاء، وبما أنه شعار مألوف وواضح المقصد فلم ولن يخضع للجدل، لذلك نقول في إيجاز إن الوحدة سر انتصارنا علي كل المستعمرين وتجاوزنا لكل التحديات حتى أنجزنا كل ما كان يبدو عصياً علي الإنجاز الى أن توَّجنا إنجازاتنا بنيل استقلالنا وَرَدِّ كرامتنا الإنسانية والوطنية التي كانت مستلبة، وعموماً نتمسك بالوحدة لأن المبدأ الانساني والعلمي القائل بأن ( الوحدة قوة ) يشملنا كما يشمل الكون كله.

الوحدة الوطنية ليست ضد التعدد والتنوع بل هي الحمى والحضن الآمن الذي يحرس التنوع من أي افتئات أو تجاوز علي مظاهر التنوع من تعدد في الأعراق، الأديان، الثقافات، اللغات ...الخ. لذلك من حق الأفراد أن يعتنقوا ما يشاءون من الأفكار والمعتقدات، أفراداً كانوا أو مجتمعات، علي أن ذلك سوف لن يمنعهم من التحلـُّــق حول مائدة الشأن الوطني والاستظلال بمظلة الوحدة الوطنية، لذلك فإن الوحدة هي الملجأ الآمن من تشظـِّـي مكونات ومكنونات التنوع، الوحدة لا تدوس علي حقوق وحريات التنوع بل تنظمها بترتيب الأولويات. إن الكبت باسم الوحدة من جهة وتقديم المصلحة الذاتية علي الوطنية باسم الحقوق من جهة، كلاهما أمرٌ منبوذ.

الحفاظ علي الوحدة الوطنية كان ديدن القوى الوطنية قبل وبعد إعلان الكفاح التحرري المسلح. أعداء الوطن المتربصون به دوماً يوجهون أسلحتهم نحو وحدته لأنها العمود الفقري الصلب الذي يحفظ تماسك الجسد الوطني، وبما أن الوحدة هي روح الوطن وقلبه النابض وأن موتها يعني موت الوطن فقد حافظ عليها شعبنا بأغلى ما يمكن من التضحيات، وليس من المبالغة أن نضال الشعب الارتري في كل مراحله كان نضالاً من أجل الوحدة، وسيظل ذلك ديدن الشعب الارتري ونضاله، ذلك أن النضال من أجل الوحدة أو الحفاظ عليها هو أمرٌ دائم السيرورة لا يعرف التوقف، السبب في ذلك أن أعداء الوحدة هم بدورهم لا ينقطعون عن عملهم الدائم في هدم وإضعاف الوحدة بمختلف الوسائل وتحت مختلف الأشكال والألوان، وعندما تطل النعرات دون الوطنية برأسها لتعتلي المسرح بديلاً عن المشاعر الوطنية لابد من التدخل لإرجاع تلك الأحاسيس دون الوطنية الي مواضعها الطبيعية غير الضارة بوحدة الوطن.

حماية الوحدة لا تقتصر بالضرورة علي حمايتها من العدوان الخارجي بل يجب حمايتها بنفس القدر من الداخل أيضاً بالتماسك والترابط الداخلي. فكلما كان ترابط الداخل متيناً كلما كان عصياً علي مؤامرات وهجمات الخارج، وبما أننا نحن المستفيدون من وحدتنا فحمايتها بترتيب الأولويات بين القضايا العامة والخاصة هي أيضاً مهمتنا نحن. وما يحافظ علي التضامن الداخلي هو الحيلولة دون أن يكون مفهوم الوحدة مجرد تغـوُّل وتحكـُّــم فئة علي حقوق الفئات الأخرى. وكما أن الوحدة ضرورة فحمايتها أيضاً ضرورة كبرى، والشواهد علي ذلك لا تقتصر علي أيام الأربعينيات والستينيات، بل لدينا من واقع اليوم ما يكفي من الشواهد علي ذلك. إن ما يجعلنا اليوم متفقين نظرياً ومختلفين عملياً علي تنفيذ ما اتفقنا عليه نظرياً هو عدم إدراكنا لقيمة قوة الوحدة وشراسة الدفاع عن عرينها.

قضية وحدة الوطن مسئولية جميع المواطنين وأولويتهم القصوى، إن الوحدة التي تتقوَّى بجهد الجميع تـُـعـْــلـِـي هامات الجميع فخراً وسؤدداً. إن الوحدة ليست غرضاً ثانوياً تنظر اليه باستسهال وتخطو نحوه بكسل بل هي مسيرة جادة وشاقة تطلب منك مواصلتها بجدٍّ وصبرٍ علي مشقتها. إن طريق الحفاظ علي الوحدة لا يعرف التراخي والرجوع من منتصف الطريق واتخاذ طريق فرعي أو بديل أقل تكلفةً ومشقة. ولأن الوطن ملك الجميع فوحدته أيضاً يجب أن تكون مرآةً تعكس وجوه جميع أبنائه وتلبي رغباتهم. قد لا يستبعد أن يشهد مسرح الوحدة علي قوته بعض الصراعات والخلافات، لكن لابد من وضع الحد للأسباب التي تشعل نار تلك الخلافات أو تصب عليها مزيداً من الزيت، علي أن لا تؤدي تلك المعالجات بدورها الي مزيد من زعزعة عمود الوحدة الذي يستظل به الجميع، وهذا كله من الضرورات الحتمية لأنه في خلاصته يعني الوجود نفسه، أي البقاء قيد الوجود للبلاد وأهلها.

في الوقت الراهن بدأت تظهر من حين لآخر ظواهر تململ من عملية الوحدة لتبرير وتسويغ بعض النزعات دون الوطنية التي ضاقت ذرعاً بالوحدة فآثرت أن تضع الشعب الارتري في قوالب تقسمه الي مسلمين ومسيحيين، مرتفعات ومنخفضات وغير ذلك، وحجتها في ذلك أن هذا الشعب عجز أن يتعايش موحداً وفشل في حماية وحراسة وحدته، إذاً فلنقر الخلاف ونتعامل معه علناً، أو هكذا يقولون. مثل هذه الأحاسيس قد تكون وليدة الإحباط من الشعارات التي رفعت تنادي بأن اختلاف الرؤى يجب أن لا يعيق مبدأ الحفاظ علي وحدة بلادنا ولا سيرنا نحو التغيير، ومن الطبيعي أن يسبب فشل رافعي تلك الشعارات في تطبيقها خيبة أمل وصدمة لمن كانوا يعولون عليه فخابت آمالهم وصدموا في أحلامهم. صحيح أن الأحوال النضالية والأجواء السياسية السائدة اليوم قد تكون دافعةً الي الضيق والتبرم واتخاذ القرارات اليائسة. وإذا كنت قد قررت العمل علي تحقيق الأمن والاستقرار ثم سلكت طريقاً معاكساً لا يؤدي إلا الي الضيق والتهلكة فإنك لا شك تعبــِّــد الطريق لأعداء وحدة البلاد وترتكب من الأفعال ما يسرُّهم. إن قتل الوقت بلا طائل واللا مبالاة تجاه وطن وشعب يعيشان أسوأ الظروف أمر بالطبع يسر العدو ويحزن الصديق ولكن يجب أن تكون لدينا ولدى كل الوطنيين الشرفاء القناعة الراسخة بأن وحدة ارتريا ستصمد وتبقى وستهزم كل ما ينسجه إسياس أفورقي وآخرون من محاولات إضعافها عبر مختلف الوسائل والتكتيكات الخفية والظاهرة.          

ستبقى وحدة بلادنا الضمان لكل انتصاراتنا

           

Last modified on Wednesday, 09 September 2015 21:34