هجرة الشباب حل مؤقت وليست حلاً جذرياً ودائماً

2015-09-07 06:42:54 Written by  هجرة الشباب حل مؤقت وليست حلاً جذرياً ودائماً Published in EPDP Editorial Read 2412 times

تتصف ارتريا اليوم من بين دول العالم بمظاهر فريدة، وليس من بين تلك الظواهر ما هو ذو علاقة بالرخاء والاستقرار إن لم يكن العكس. التجنيد الإجباري، غياب الديمقراطية وسائر الحقوق والحريات الأساسية، الاعتقال، غياب العدل والحكم العادل، نزيف هجرة الشباب الذي يتدفق بغزارة، تلك هي أبرز ما يميز ارتريا اليوم، إن هذه الهجرة التي شملت الذكور والإناث وسائر الفئات العمرية والمهن والأعمال تتميز الي جانب كثافتها بتزايد أعداد ضحاياها التي فاض بها البر والبحر، ليس ذلك فحسب، فالأمرُّ من تلك المأساة هو عدم قيام أصحاب المأساة ودافعي ثمنها الباهظ وهم في أغلبيتهم في طور الشباب بواجبهم المنوط بهم تجاه النضال لاستئصال أسباب هجرتهم وهلاكهم بهذه المجانية واللا مبالاة.

دور الشباب في نقل الواجبات والمسئوليات من جيل الي جيل لا يجهله أحد، ونضالنا التحرري خير شاهد علي ذلك، ونفس هذا الدور لا يزال قائماً وعظيم الأهمية في نضال اليوم، وهذا الغياب عن مسرح العمل بما توجبه تلك المسئولية ليس خطراً علي نضال اليوم فحسب، بل يضع الوطن والشعب برمته أمام مستقبل مجهول، وهذه الحقيقة المرة هي التي تدفعنا دوماً الي رفع صوتنا بضرورة إشراك ومشاركة الشباب في العملية النضالية التي تهم الجميع ونتألم كثيراً لغياب دوره. إن الشباب يعلم جيداً أن هجرته قد تريحه قليلاً من الآلام المبرحة التي عاناها وهو يؤدي الخدمة العسكرية الإجبارية أو يتعرض للاعتقال والتعذيب لكنه ليس الحل الجذري النهائي والدائم لجميع مشكلاته. ما الحل إذاً؟ إنه ببساطة إزالة هذا النظام الأرعن الذي هو سبب تلك الهجرة وما يترتب عليها من مهالك ومخاطر، فكما كان لابد لنا في ارتريا المحتلة من محاربة العدو المحتل لاستئصاله واستلام استقلالنا، لابد لنا اليوم أيضاً من محاربة عدو اليوم المتمثل في نظام الهقدف واستئصال شأفته وشأفة سياساته التي أوردتنا المهالك. إن الآثار الضارة لهذه الهجرة المكثفة لا تقتصر علي المهاجرين وما يجدونه في سبيلها من معاناة، بل يتهدد خطر آثارها الوطن برمته، والشباب بما أنه الفئة الأكثر معاناةً في معادلة الهجرة وأسبابها يقع عليه القسط الأكبر من عبء المسئولية تجاه إنقاذ الشعب والوطن من دوامة هذه المأساة.

ضعف مشاركة الشباب في نضال اليوم لا يختلف عليه اثنان، بل حتى الشباب أنفسهم يقرون بهذه الحقيقة، لكن بعث الحراك الارتري الأخير حول قارات العالم المختلفة بصيصاً من الأمل في انبعاث دورٍ جديد وحيوي للشباب، ومن أهم تلك النشاطات المبشرة ما قام به شباب اللاجئين الارتريين باثيوبيا في السادس والعشرين من يونيو 2015م بالعاصمة أديس أبابا من تظاهرة مؤيدة لمجهودات مفوضية حقوق الانسان الدولية في بحث ودراسة أوضاع حقوق الانسان في ارتريا حيث وقفت التظاهرة أمام مقرات الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوربي وخاطبت كل الجهات المعنية بالمشكل الارتري عامة. وهذا لا شك حراك شبابي يستحق التشجيع والإشادة، وقد وجد ذلك بالفعل من الأجيال النضالية الأكبر الذين عبروا عن دهشتهم وفرحتهم معاً أنهم بخير مادام ورثتهم أثبتوا جدارتهم باستلام إرث أسلافهم، كذلك فإن الأمسية الترفيهية التي أقيمت في الاحتفال بالذكرى الرابعة والخمسين لانطلاقة الكفاح التحرري الارتري المسلح عبر إقامة ليلة ساهرة في الثلاثين من أغسطس 2015م تستحق هي الأخرى التحية والتجلة. لقد اشتملت الليلة علي معرض ناطق ومرئي لمراحل تطور الكفاح الارتري المسلح مروراً بمآسي الهجرة وسرد حكاوي معاناة الشباب الارتري المهاجر علي أيدي عصابات تجارة البشر، علماً أن ما عرض من مناظر تمثيلية تجسد تلك المأساة، مأساة الهجرة، قد برهن بدوره مباشرة أو بغير مباشرة أن الهجرة حل مؤقت وليست حلاً أبدياً ولن تكون. إذاً يجب أن تصب تلك التحركات والمبادرات الشبابية في نضال الشعب من أجل إزالة نظام الهقدف من الجذور.

الكل يعلم أن غياب ونقص مشاركة الشباب من أكبر مشكلات ونواقص التنظيمات السياسية المناضلة من أجل التغيير، وهي بالتالي من أهم شواغلها المقلقة، لذا علي الجيلين، جيل الكبار وجيل الشباب، أن يردما هوة فارق الأجيال بين الطرفين، وذلك عبر رفع نسبة مشاركة الشباب في النضال. وبصراحة هناك صراع أجيال بين الطرفين قد يطل برأسه أحياناً، لكنه صراع مقدور علي حله وليس من الصراعات المستعصية علي الحل. كذلك من الطبيعي أن لا يجد كلا الجيلين رغبته وهواه لدى الآخر وذلك قد يرجع لفارق السن ومطالبها، علي أن الهوة بين الجيلين تضيق كلما كان هناك روح استعداد لدى الطرفين لتسليم أو تسلم الأمانة القيادية والنضالية. والتعلل بالصراع والفوارق العمرية قد يستغل من قبل البعض في الهروب من المسئولية، مسئولية التسليم أو التسلم. إذاً فليعمل الكل علي تسليك طريق التفاهم بين الجيلين، وهذا بالطبع يحتم مراعاة حساسيات فوارق العمر وحسابات الفوارق الزمنية بين الطرفين، وهذا أمر مقدور عليه.

تأكيداً علي ما تقدم في عنوان وسطور هذا التعليق قام حزب الشعب الديمقراطي الارتري في مؤتمره الأخير، المؤتمر العام الثاني للحزب، قام بمناقشة تفصيلية لمشكلة غياب دور الشباب عن الساحة النضالية أكد من خلالها عل ضرورة استعداد الشباب لتسلم أمانة الشهداء والمناضلين المخضرمين وعزز ذلك باتخاذ أقوى القرارات العملية والنظرية لإنفاذ معادلة التسليم والتسلم، فهلا قام كلٌّ بدوره كما ينبغي؟؟؟!!!!

Last modified on Monday, 07 September 2015 08:50