دور غير الارتريين في قضايا ارتريا

2016-07-25 17:59:29 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2622 times

حـَــوَّلـَــتْ وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة العالم علي اتساعه الي قرية صغيرة، ولأن هذه الدرجة العالية جداً من التطور لم يصلها الانسان إلا عبر تجارب ودراسات ووسائل عديدة فكلما وظفت التوظيف الأمثل كان عائدها إيجابياً وتنموياً. وما لم تواكب ذلك التطور فستجد نفسك مرمياً علي هاوية الرصيف. ونظام الهقدف اليوم نموذج ساطع للتخلف والعزلة والانهيار الذي ينتج عن مناطحة الظروف الموضوعية وإنكار الحقائق الواقعية بحجة الاعتماد علي الذات.

 

العالم الذي أصبح قرية لابد لدوله وقاراته أن تتبادل التأثــُّـــر والتأثير سلباً وإيجاباً، لذلك الكل يسعى بقدر الإمكان الي تدويل ونشر كل ما هو إيجابي وتعميم محاربة كل سيئ وسلبي. لذلك لم يعد أحد بمنجاة من تيار التأثــُّـــر والتأثير الجارف، الوسائط الحديثة والتعاون الدبلوماسي العالمي لا يسمحان اليوم لأحد بإقلاق راحة الآخرين، وبالتالي فإن كل داعية الي السلم والعدل لن يتسنى له ذلك ما لم ينشط داخل وخارج بلاده بحثاً عن السلم والعدل أو حمايةً لهما. فلكي تسلم من النار التي تشب في جوارك أو محيطك لابد لك من أن تسهم في جهود الإطفاء حتى لا تصلك ألسنة النيران فتلتهمك. ومنذ زمن بعيد توافق العالم عبر الاتفاقيات والهيئات الدولية كالأمم المتحدة وأذرعها أن لا يتفرج علي النزاعات بين الدول صامتاً بل أن يخاطبها شفاهةً أولاً وأن يتدخل قتالاً إذا لزم الأمر. وما وجود قوات أو فرق مراقبة انتخابات أجنبية أو مبعوثين سياسيين أو حقوقيين أجانب في بلدان عديدة إلا صور من تلك المسئولية التضامنية التي تنسقها وتشرف عليها الأمم المتحدة بآلياتها المدنية والعسكرية المتعددة نيابةً عن كافة دول العالم. انطلاقاً من ذلك كان لابد لآليات الأمم المتحدة أن تشاركك مصائبك وتساهم في نمائك وأن تحترم أنت مبادئها ومواثيقها وتقدر مساهماتها، أما أن تقابل كل تدخل من الأمم المتحدة في شؤونك جراء عدم كفاءتك وسوء إدارتك ورعونة سياساتك ثم تتباكى علي انتهاك سيادتك كما هو الحال لدى الهقدف فليس ذلك إلا بكاءاً علي اللبن المسكوب.

 

عندما تنزل بالشعوب النوازل التي نزلت بنا نحن الارتريين لا يجلسون ساكتين، بل من الطبيعي أن يسمعوا العالم عويلهم وصراخهم مستنجدين من حـَــر ما يجدون. وإذا لبى العالم نداء المستغيثين من الشعوب والمجموعات فليس عن سوء قصد ونية مبيتة للتدخل السلبي ولكن انطلاقاً من روح التعاون والتأثــُّـــر والتأثير. التظاهر المشترك والخطاب الموحد أحد الوسائل التي يمرِّر من خلالها شعبٌ ما رسالة استنجاد الي شعوب وحكومات العالم وهيئاته الدولية، وما مظاهرة جنيف الارترية الأخيرة المساندة لتقرير اللجنة الدولية للتقصي عن أحوال حقوق الانسان في ارتريا إلا تطبيق عملي لهذه القاعدة. لكن ذلك وحده ليس كافياً، إذ ليس بالتظاهرات وحدها تتحقق المطالب، بل بالجدية والاستمرار في العمل والمصداقية والموضوعية في الشعارات المرفوعة. فشعارات جنيف المعارضة كانت تطالب بإيقاف الاضطهاد، العنف والقمع، وتندد بغياب العدل والحكم الراشد، لذلك لن يكون من المعقول الاعتراض عليها، بينما كانت شعارات جنيف الموالية للنظام تنادي بالاستمرار في تلك الأحوال السيئة المتردية الي أبد الآبدين وبالتالي ما كانت لتلقى القبول من أحد.

 

إن الاستعانة بالآخرين عبر التظاهرات والمذكرات كما فعلنا نحن الارتريين في جنيف وغيرها ليست دعوة الي التدخل الأجنبي وتركه يعبث بالبلاد كيفما شاء، ولكنها طلب مشروع من شعب مضطهد لعون مشروع من المجتمع الدولي بطريقة مشروعة. كذلك هي دعوة للتعاون والتآزر الاقليمي والدولي لمكافحة الشر ونشر الخير، وهذا عين ما فعله دعاة التغيير في جنيف وغيرها. من مبادئ البرنامج السياسي لحزب الشعب الديمقراطي الارتري إتاحة حق التعبير عن الرأي بالتظاهر السلمي، وهو ما يرنو الي تطبيقه في ارتريا الغد. لكن رغم هذه الموضوعية في الطرح والتعبير وما بذلناه من جهد مشروع في طلب العون الأخوي المشروع تحاول القلة الهقدفية إلباس جهودنا السامية غير لباسها. فالدعوة الي عرض قضيتنا علي المنابر العالمية عند هذه الطغمة خيانة وطنية. ومطالبتنا بمعاقبة مسئولي النظام علي جرائمهم بحق الشعب ألبستنا لباس التفريط في السيادة الوطنية. إنهم يرون الاعتراض علي جرائم نظامهم جرماً وخيانة ما بعدها خيانة، ويرون السكوت علي تلك الجرائم دفاعاً عن الوطن والكرامة الوطنية. بمعنى يجب أن نسلم الخيار للهقدف يختار لنا ما نحب وما نكره، وأما إذا حاولنا الاختيار بإرادتنا الحرة فذلك يعني أننا بعنا الحرية والكرامة والسيادة و.....و........الخ من الشعارات الجوفاء.

 

اليوم نشاهد في الساحة السياسية الارترية من يحاولون الظهور بمظهر المحايد الناقد لكلٍّ من الهقدف ومعارضيه، لكن سرعان ما يقعون في شباك الهقدف، فهاهو تقرير اللجنة الدولية الذي أخرج الهقدف من كهف جرائمه ينزع لباس النفاق الوطني الذي تزيـَّــى به مدعو الحياد هؤلاء، حيث يصفون التقرير وصفاً مجافياً للحقيقة، ويرون في الدعوة الي معاقبة مجرمي النظام بحجم جرائمهم دعوة سافرة للتدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية، ويعدون تظاهرة جنيف تهديداً خطيراً للسيادة الارترية. وتلك كلها أشكال مزخرفة ومموهة من الصور التي يتخفى وراءها الهقدف. لقد أوضحنا سلفاً أن لغير الارتريين لا شك دور في قضايانا لكنه ليس بالدور الوطني البديل لدورنا نحن الارتريين.

 

Last modified on Monday, 25 July 2016 20:03