الثقة تنبني خلال مسيرة العمل

2016-02-21 09:54:15 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2240 times

من بين محددات كثيرة لنجاح أو عدم نجاح أي عمل مشترك أو قضية عامة بين رجال السياسة أو أي مجال اقتصادي – اجتماعي آخر، تأتي الثقة أو عدمها كمحدد رئيس لذلك النجاح من عدمه، الثقة عامل من عوامل النجاح وليس عاملاً من عوامل الخسارة. ولأن الجميع يعلم هذه الحقيقة يعملون أو يطمحون لتحقيق الثقة بينهم، ولكن الكسب يكون بقدر الإخلاص في خدمة ما نطمح اليه، وبما أن الريبة عدو الثقة فلا يمكنك العمل مع شخصٍ أو جهةٍ لا تثق بها. والريبة المقصودة ليست تلك التي لا يمكن أن تخلو الثقة من شيء منها، بل نعني أنها – أي الريبة – تلك التي تأخذ قسطاً كبيراً يحد من مساحة الثقة ويشكل خطراً عليها. لذا لا يجب أن يقيدنا التخوف من وجود عنصر غير موثوق أو قضية مريبة عن العمل المشترك مع الآخرين.

 

ولأن الشك قابل للتحول عبر الأيام الي ثقة يجب أن لا يعيقنا عن الانخراط في مسارح العمل المشترك، والثقة مثلها مثل أي هدف أو طموح تتحقق عبر مسيرة العمل الميداني المشترك ولا توهب جاهزةً ملفوفةً في ورق السلوفان مثل تحف وأيقونات الإهداء. علي أننا يجب أن لا ننسى أن خلق الثقة كالرغبة في تحقيقها تتطلب جهداً وتضحية بقدر أهميتها، علماً أن الثقة والشك يتبادلان الرجحان لديك بقدر ما تثق أو تشك في الآخرين، أي إن ثقة الآخرين بك من ثقتك بهم وشكهم من شكك بهم.

 

كما هو الحال في معسكر المعارضة لدينا خلافات وتباينات عديدة نتميز بها قد تسمح لنا بإدارة الخلاف فيما بيننا وليس إلغاءه، منها: المعتقد، الجنس (النوع)، العمر، التجربة، الرؤية السياسية، و...و...الخ، ومن التباين في مثل هذه العناصر تنشأ أو تنبت بذرة الشك. إن تسليمنا بهذا التباين وخلق الثقة بديلاً للشك فلن يعيقنا عائق عن انتصارنا في معركتنا لتحقيق الديمقراطية والتغيير. إن الثقة الحقيقية تنبني عبر إجراء تغيير متزامن في العقليات المتباينة، وبقدر التباين في الآراء تتفاوت المدة التي يأخذها التأقلم علي عقليات قوى العمل المشترك وبالتالي مع كل تقدم في تغيير العقلية تتقدم المسيرة نحو الثقة والانسجام. وهذا الزمن الذي تستغرقه عملية بناء الثقة هو الذي نعنيه باصطلاحنا مسيرة العمل أو أثناء العمل معاً أو الاحتكاك ببعضنا البعض.

 

إن الشك في مكانه وزمانه ليس جريمةً ولا خطأ، وفي غير ذلك يعتبر قيداً معيقاً وغلاً ثقيلاً. إن شرح إمكانية تسبـُّــب عناصر التباين التي ذكرناها أعلاه في خلق الشك وإضعاف الثقة لا تسمح به هذه العجالة، لكن عنصراً واحداً ذا أهمية خاصة يتطلبها الحاضر يستحق منا هذا الشرح. منذ ما قبل عامين أو ثلاث، وبالذات بعد لقاء نيروبي التشاوري أدركنا أن الشك والتباين بين تجربتي ثورتنا التحررية ( الجبهة والشعبية ) كان دائم التواجد في أي مناسبة عمل مشترك. لكننا الآن لسنا هنا بصدد المقارنة بين التجربتين، لنترك الأمر للباحثين والمؤرخين. إلا أنه في كل الأحوال يجب علينا جميعاً السعي لإزاحة الشك وزرع الثقة. ترى الي أين يتجه ما هو محل شكنا؟ هل يتجه نحو ثقة حقيقية أم نترك أمر الثقة للزمن ونعمل سوياً بإخلاص علي الحد الأدنى لما يجمع بيننا؟! إذا كان لدينا استعداد حقيقي وعقلية موضوعية، فلا نشك لحظة أننا قادرون علي خلق ثقة كافية لتمكيننا من العيش معاً والإنجاز بشكلٍ مشترك وهذا هو المسرح والمسار والمضمار الحقيقي الذي تنشأ فيه الثقة وتنمو وتتكاثر.          

Last modified on Sunday, 21 February 2016 11:01