أفورقي في الخرطوم هواجس الأمن والضائقة المعيشية
2020-06-27 07:56:22 Written by السياسي Published in المقالات العربية Read 2719 timesالخرطوم: السياسي
هبطت طائرة الرئيس الأريتري أسياس أفورقي مطار الخرطوم، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام في مؤشر إلى عدم استعجاله لمناقشة كثيرٍ من الملفّات التي يحملها داخل حقيبته. وهي الزيارة الثانية للرئيس الأريتري للخرطوم خلال أقل من عام. وتواجه أريتريا هواجس أمنية إقليمية تتعلّق بحدودها مع جارتها إثيوبيا، وبدا ذلك واضحاً من زيارته المُتكرِّرة للعاصمة أديس أبابا، عقب التطوّرات الإيجابية الأخيرة بين الدولتين، إلى جانب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد، إذ تعتبر الحدود السودانية، التي أُغلقت كثيراً خلال الأعوام الماضية لعدة أسباب آخرها جائحة كورونا، بمثابة رئة تتنفَّس منها أسمرا في مُواجهة المصاعب الاقتصادية التي تعيشها.
أزمة إقليم تقراي
في آخر أحاديثه عبر التلفزيون المحلي في فبراير الماضي، أشار أفورقي بوضوح إلى عدة قضايا تربطه بالسودان بعد الإطاحة بنظام البشير، وقال في ذلك اللقاء: "لا بدّ من سياسة واضحة حيال العلاقات البينية وتنسيق الموقف من المنطقة والإقليم".
أحد الملفات الأمنية التي تقضُّ مضجع الرئيس الأريتري هو إقليم تقراي الإثيوبي، وهناك عداء تاريخي منذ حرب التحرير المُشتركة بين أفورقي وجبهة تحرير تقراي جعل الخطوات الأخيرة التي تجري في إقليم تقراي في مواجهة المركز تُثير كثيراً من الهواجس.
يقول الصحفي المهتم بشؤون القرن الأفريقي، عبد المنعم أبو إدريس، في إفادة لـ(السياسي) حول زيارة الرئيس أفورقي للخرطوم: "من أهم الملفات التي ستكون على طاولة البحث بين الخرطوم وأسمرا ما يجري في الجارة إثيوبيا، في ظل التصعيد بين الحكومة المركزية في أديس أبابا وإقليم التقراي الذي يُجاور أريتريا، ومعلوم أن الأزمة بين إقليم تقراي والمركز وصلت حد إعلان الإقليم إجراء انتخابات بشكل مستقل عن الحكومة المركزية". وأوضح أبو إدريس أن إقليم تقراي مُجاوِرٌ لأريتريا والمكون الإثني مُشترَكٌ معها، لذلك يريد الرئيس أفورقي أن يُجري تنسيقاً في الإقليم تحسّباً لخطوة مُفاجِئة مثل إعلان التقراي الانفصال أو زيادة وتيرة التصعيد بين مكلي عاصمة التقراي وأديس أبابا.
وكانت الحكومة الإثيوبية قد اختارت تأجيل الانتخابات العامة بسبب جائحة كورونا، مما أدى إلى تفاقم الأزمة بين إقليم تقراي والمركز. وذهب الإقليم إلى إجراء الانتخابات، مُنفصلاً عن المركز. وبالفعل طلب الإقليم من اللجنة المركزية للانتخابات الإشراف على انتخابات الإقليم لكنها رفضت.
لم يخالف المعارض الأريتري جمال همد رأي أبو إدريس في حديثه لـ(السياسي)، إذ لم يستبعد أن تكون التطورات الأخيرة في إثيوبيا بين المركز وإقليم تقراي في إقامة انتخابات محلية بعد تأجيل الانتخابات العامة في الدولة، وتوقع أن يناقش الرئيس أسياس هذا الأمر مع المُكوِّن العسكري فقط في المجلس السيادي، خاصةً بعد زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" لأديس أبابا.
قضايا مُتداخلة
الصحفي خالد محمد طه، ذهب إلى ملفّات أُخرى لزيارة أفورقي مُتعلّقة بالسودان أكثر من أريتريا، وعزا ذلك إلى أن توقيتها مهمٌّ نسبة للأوضاع الداخلية المُعقّدة في السودان وتسارع الأحداث من ناحية، وتحول السودان لمحطة للتجاذبات الإقليمية والدولية من ناحية أُخرى.
وقال لـ (السياسي)، إن تحديد أمد الزيارة بثلاثة أيام، يكشف عن تمهُّلٍ في الحوارات والموضوعات المُدرَجة للنقاش، ويشير أيضاً إلى أن هنالك ردوداً معينة ينتظر الحصول عليها من القيادة السودانية. وتوقع طه أن موضوع الوجود الإثيوبي في أراضي الفشقة السودانية وخفض درجة التصعيد العسكري الراهن سيكون أحد أهم موضوعات الحوارات الثنائية .
ويتوقع طه أن تشمل المباحثات الأوضاع في القرن الأفريقي واليمن والساحة الليبية ومنطقة البحر الأحمر وخطوات عملية التفاوض في جوبا وسد النهضة، وهو ما اتفق فيه مع المعارض الأريتري جمال همد الذي أشار إلى أن أفورقي سيسعى إلى تليين الموقف السوداني تجاه قضية سد النهضة لصالح مصر لارتباطاته الإقليمية.
الحدود رئة أسمرا
قبل كلِّ تلك القضايا، فإن أكثر ما يُؤرِّق الرئيس الأريتري، هو الضائقة الاقتصادية التي تعيشها بلاده. وبحسب مواطنين استطلعتهم (السياسي) على الحدود، فإن الوضع المعيشي بالنسبة للمواطنين في أريتريا بلغ درجة خطيرة من السوء بعد الارتفاع الجنوني للأسعار عقب إغلاق الحدود بين البلدين مؤخراً. وقال أحد المواطنين لـ(السياسي)، إن سعر جوال السكر زنة خمسين كيلوجراماً بلغ ما يعادل 16 ألف جنيه سوداني في أريتريا، في ظلِّ ندرةٍ وشُحٍّ لكلِّ السلع الأساسية، بما فيها المواد البترولية جرّاء إغلاق الحدود. ومن المعروف أن كثيراً من السلع المدعومة في السودان تُهرَّبُ عبر الحدود إلى دولة أريتريا، وتُباع بأسعار عالية، إلا أن الإجراءات الأخيرة خاصة بعد الحظر الصحي بسبب جائحة كورونا، أدت إلى إحكام إغلاق الحدود وصعّبت مهمة تسريب السلع إلى دول الجوار ومن بينها أريتريا.
الصحفي عبد المنعم أبو إدريس، أكد على أهمية ملفِّ الحدود بين البلدين بقوله: "في اعتقادي ستهتم الزيارة بثلاثة ملفات، أولها العلاقات السودانية الأريترية وعلى رأسها إعادة فتح الحدود بين البلدين، التي أُغلقت بسبب جائحة كورونا؛ وكذلك البحث عن فرص تعاون اقتصادي مع السودان". وأضاف أن أفورقي يريد كذلك، الاطمئنان على ترتيبات الحكومة الانتقالية للأوضاع في ولايات شرق السودان، خاصة أن شرق السودان يمثل عمقاً استراتيجياً لأريتريا ومهم لأمنها القومي.