في ذكرى ذلك المحارب
2016-01-05 20:16:04 Written by إعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP News Read 2633 timesمرت عشر سنوات علي استشهاد المناضل/ سيوم عقبا ميكائيل رئيس جبهة التحرير الارترية – المجلس الثوري، والذي وافته المنية فجأة في السابع عشر من ديسمبر 2005م وهو في قمة أدائه لعمله الوطني. منذ نشأته نذر سيوم عمره كله لوطنه وشعبه، قضى الشهيد عشرة أعوام من حياته معتقلاً في سجون العدو المحتل ومرَّ قبل وبعد ذلك بكل مصاعب ومصائب النضال التحرري واجتاز ذلك كله بصمودٍ نادر المثال يعرفه عنه رفاق السلاح والطفولة. ولأنه كان يؤمن بأن السيادة والقوة للشعب وأن في التنظيم والتأطـُّــر قوة، لـُـقـِّــبَ أثناء رئاسته لاتحاد الفلاحين الارتريين ضمن المنظمات الجماهيرية لجبهة التحرير الارترية، لقب ب(سيوم حرستوت أو حرستاي)، أي سيوم الفلاح. وانطلاقاً من إيمانه العميق بضرورة أن تكون ارتريا
الغد مصونة الكبرياء والسيادة اشتهر الشهيد بأنه كان واحداً من أكثر المناضلين شراسةً في الدفاع عن استقلالية القرار السياسي للمعارضة الوطنية التي تتصدى لنظام اسمرا الدكتاتوري. لذلك كان في تحذيره من رهن القرار السياسي للمعارضة يصف الخضوع للأجنبي بأقسى وأبلغ العبارات. كان سيوم راسخ القناعة بأن الوحدة قوة، لذلك بدلاً من الائتلافات والاندماجات الصورية كان يسعى الي تقارب حقيقي بين القوى السياسية الارترية ينظر للأمام ويعمل بفعالية، وبذات الروح الوحدوية والوطنية لم يكن يساوم في وحدة ارتريا أرضاً وشعباً. وكان يطبق نفس النظرة الوطنية علي علاقات ارتريا الخارجية والتي لابد لها في رأيه أن تبنى علي سعة الأفق وتبادل المصالح والاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
بعد أن صال وجال في حقول السياسة والنضال داخل تنظيمه وفي عموم محيط المعارضة الوطنية توفي قبل عشرة أعوام إثر علة طارئة وهو في قمة العطاء والتألــُّــق الوطني. لقد أنفق سيوم كامل حياته في سبيل شعبه ووطنه ومات راضياً فداء أمانيه في الحرية والانعتاق، لكنه بالتأكيد ترك لنا العديد من الوصايا والمهام الواجب علينا تنفيذها، نحن بدورنا نتقبل ذلك بكل الرحب والسعة ونقول له فلترقد بأمان، فأنت وإن فارقتنا جسداً ما زلت تعيش بيننا مبادئ وأهدافاً سامية عشناها ونعيشها معاً. لقد كان من حق الشهيد علينا أن نتساءل: كم يا ترى حققنا من وصاياه طيلة هذه المدة من وفاته التي تعادل ثلث ما استغرقه نضالنا التحرري؟ بيد أن الإجابة علي هذا السؤال الجريء والواقعي لا تخصنا وحدنا نحن رفاقه السابقين في جبهة التحرير الارترية – المجلس الثوري سابقاً وحزب الشعب الديمقراطي الارتري الآن، إنما هو سؤال يشاركنا الإجابة عليه سائر معسكر المعارضة وطلاب التغيير في ارتريا. كما تعوَّدَ أن يدهش الناس في حياته بتفرد أدائه أدهش الكثيرين بتألقه بعد موته أيضاً حيث أثبت سيوم للكثيرين أن من يفقدونه ويبكونه كثيرون وليسوا قلة منزوية. بل قال من فجعوا بموته: وما فائدة وهوية ارتريا التي لا يجد فيها أمثال سيوم أشباراً من أرضها تحتضن رفاتهم!!؟ لقد تكرر مشهد أن لا تستقبل ارتريا جثامين من يموتون ويستشهدون من أبنائها وأبطالها خارجها دعك من أن تتيح لهم فرص وفوائد أخرى في حياتهم الدنيوية.
مما ترك لنا الشهيد من مهام بدأها وعاجله الموت قبل إتمامها توحيد المعارضة علي أساس مبدأ تناغم الوحدة والتعدد بما يخدم قضية العمل المشترك، وإتمام الوحدة الاندماجية بين حزبي الشعب والديمقراطي الارتريَّــيـْــن. وبالفعل تمت هذه الأخيرة وأثمرت حزب الشعب الديمقراطي الارتري الذي مضى علي تأسيسه أكثر من خمسة أعوام، وهذا بالفعل سوف يبعث برسالة تهنئة الي قبر الشهيد، ولا شك ستتواصل أعمال بناء هذا الحزب حتى يتطور الي قوة تغيير حقيقية وفعالة، كما ستتواصل جهود الحزب من أجل إقامة مظلة وطنية جامعة لكافة قوى التغيير، هذا وإن لم نستطع بلوغ كامل أمنيات الشهيد في هذا المجال، إلا أننا لن ندخر جهداً في مواصلة هذا المسعى، ولا خيار أمامنا سوى المواصلة. لكن بما أن هذه مهمة مشتركة بيننا وبين لاعبين آخرين لن يكون بإمكاننا إنجازها وحدنا ما لم يشاركنا في هم إتمامها كل من يهمهم أمر التغيير فنجتمع علي برنامج الحد الأدنى للعمل المشترك. نحن من جانبنا برهنـَّــا علي الالتزام بهذه المهمة في كل مؤتمراتنا التي عقدت بعد رحيل الشهيد سيوم وسيظل هذا ديدننا اليوم وغداً.
اليوم نُحيـِـي ونُحيـِّـي الذكرى العاشرة لرحيل الشهيد/ سيوم، ومن هذا الإحياء والتحية لابد لنا من ذكر النزر اليسير من بطولاته وإنجازاته النضالية. لكننا لا نقتصر علي ذلك فقط، بل سنسأل أنفسنا هل وَفـَـيـْـنا ما تعهدنا به عند قبره علي أفضل ما كان يتمناه؟ نعم نحن علي عهدنا نعمل كل ما في الوسع من أجل إتمام وتحقيق أحلام الشهيد الوطنية. إن الوفاء بعهدنا لشهيدنا لا يحتمه مجرد الوفاء للشهداء فحسب، بل تحتمه علينا المرحلة الحرجة التي تمر بها مجمل أوضاع الوطن ومعسكر المعارضة علي وجه الخصوص. لذا وبهذه المناسبة نؤكد لشهدينا مجدداً أننا علي دربه سائرون.
الشهيد/ سيوم كان في كل ما قدمه في سبيل وطنه حتى الدقائق الأخيرة من حياته يتمتع بمؤازرة أسرته التي ساندته ووقفت معه في تحقيق كل ما آمن به من مبادئ. كذلك فإن سيوم الذي سهر علي تربية أبنائه تربية وطنية صحيحة ترك خلفه ذرية وفية بالعهد والمسئولية الأسرية والوطنية وها هي اليوم تنظم هذه الاحتفالية الجميلة بهذه الصورة المشرفة. إنه لم يورث أسرته مالاً ولا عقاراً، بل أورثهم ما يتشرفون به من المجد والسؤدد، ونحن شركاؤهم في ذلك الإرث الوطني العظيم.