دعك من القفز، بل لم نقدر علي الحبو!!

2015-01-25 17:23:51 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 3935 times

لجميع الدكتاتوريين في التاريخ العالمي سمات مشتركة تتلخص في التالي:

1-    يحرصون علي أن يكونوا مرهوبي الجانب

2-    تحت الزعم بوجود أعداء للأمة يعمل الدكتاتور علي إسكار الشعب بسيمفونية الوطنية (nationalism)

3-    لا يسمحون بوجود أي رأي مخالف لهم، كما يشجعون ويعطون الأولوية للانضباط والطاعة والإخلاص لهم.

4-    يميلون الي العزلة وإخفاء كل شيء يتعلق بهم.

تلك السمات تنطبق علي إسياس أفورقي ونظامه بنسبة مئة بالمئة، وكأن الجيش الحالي قليل وغير كافٍ نراه في خطابه التلفزيوني السنوي الأخير في الثلاثين من ديسمبر 2014م يقول: إن كل الشعب جيش، وبالتالي يعرب عن نيته السافرة في تجنيد وتسليح كافة أفراد الشعب، ليس هذا فحسب، بل ورغم إبداء حيرته إزاء تزامن فصل الشتاء وحملة التجنيد الحالية إلا أنه لم يخف إعطاءه الأولوية للتجنيد والتدريب. إن إسياس لا تهمه أوضاع الشعب بقدرما يهمه الإبقاء علي سلطته. لا يهمه من أمر الشعب إلا أن يبقيه ساهراً قلقاً بحجة حماية الوطن من الأعداء والغزاة.

بل برر إسياس سياسته للعسكرة الشاملة التي لا تستثني أحداً بأن أنكر علي الشعب النوم في الأسرّة مشنعاً عليه ذلك بالمقارنة الظالمة وغير المنطقية بين الشعب الذي ينام علي سرير وبين الجيش الذي يفترش التراب ويلتحف السماء علي حد زعمه، لقد ساق كل تلك الأحاجي والألغاز المربكة عن وضع الجيش والشعب لتبرير العسكرة الشاملة حتى ينام الجميع في الخنادق وتخلو المدن والقرى والحقول والمراعي من الناس. وحتى تشمل العسكرة الجميع، شيباً وشباباً، أقفل أبواب الجامعة الوحيدة في البلاد وكل مؤسسات التعليم العالي والثانوي وأبدلها بثكنات التدريب العسكري، إنه يستهدف بهذه العسكرة بث الرعب في قلوب الشعب الارتري وقلوب حكومات وشعوب الدول المجاورة وإقلاق راحة المنطقة بأكملها.

وعن سؤال عن إنفاذ الدستور أجاب الرئيس قائلاً: ( نسبةً لأن الكل يعلم أنه كان هناك دستور لن أقول لك: نعم كان لنا دستور لكنه مات أو بعث من جديد...الخ، كما لا أود تعليق الأمور علي شماعة ما واجهنا خلال الخمس عشر عاماً الماضية من تحديات، حيث كنا مهددين في وجودنا، سيادتنا، نمونا وتنميتنا، ولكن ولأن معظم حقب مسيرتنا السياسية كانت غالباً ما تعاق بالكثير من المعوقات والتدخلات الخارجية في الأغلب من عواصف وأمواج وأنواء، لذلك كله مضت وثيقة الدستور الي حال سبيلها بغير إنفاذ ولا إعلان ).

إن الزعم بموت الدستور أو اهترائه بهذه اللهجة المستترة واللا مسئولة إنما هو استخفاف بالأموال والجهود التي أنفقت علي إعداد وإنفاذ تلك الوثيقة من قبل الشعب وبرلمانه والدول والحكومات الصديقة، وإذا افترضنا أن الأموال قد فقدت ولن تعوض وأن الوثيقة قد تآكلت فهل الشعب والبرلمان المصادقان علي الوثيقة والشاهدان الحيان عليها أيضاً قد هرما وفارقا الحياة، أم أصبحا عنده نسياً منسياً؟؟؟!!! إنه لأمرٌ يدعو الي الرثاء والخجل.

إنه بينما حاول أن ينزه نفسه عن تبرير تأجيل عملية إنفاذ الدستور بالعوامل الخارجية، إذا به يناقض نفسه زاعماً أن عملية تأجيل أو موت الدستور لا تعود اليه بقدرما تعود الي عوامل وتدخلات خارجية، وكأنما دستور البلاد هو دستور الأمم المتحدة أو دستور حلف الأطلنطي!!    

   

إن الدستور وثيقة عقد اجتماعي(social contract) بين الشعب والحكومة، لذلك وبحكم أن الشعب هو الطرف الأول والأهم في ذلك العقد فمن صميم حقه أن يعلم بأي تعديلات تجرى عليه أو ما يتعرض له من تأجيل أو وفاة كما زعم الرئيس. قرار الحرب هو الآخر قرار سيادي يعود للشعب أو برلمان يمثله وليس فرد أو جماعة حاكمة، لذلك كان من العبط والاستعباط الجدل حول ضرورة قرار الاعلان من عدم اعلانه، إن من يسعون سراً هذه الأيام لتمهيد الطريق لدستور إسياس يحاولون إقناعنا بأن نتناسى ونتجاهل الجدل حول اعلان الدستور ومن وضعه. إن الدستور لا يمكن إعداده أو إجازته أو إنفاذه في الظلام والغرف المظلمة كما يفعل أفورقي الآن، لا يتم شيء حول الدستور إلا بواسطة الشعب صاحب القرار الأول في التشريع.

عودنا إسياس أفورقي نهاية كل عام، أن يزعم أن العام المنصرم قد أنجز مهاماً تستشرف القفز الي إنجازات العام القادم، كما تعود إلهاءنا بالآمال والأحلام والتمنيات والوعود في كل عامٍ جديد. واليوم أيضاً كرر في هذا العام مزاعمه المعهودة كل عام، فهو قد رفع قفاز التحدي والرهان أمام المشاهدين والمستمعين بكل غرور عندما قال: انظروا الي ما أقول لكم خلال ثلاثة أشهر فقط لا ثلاث أعوام، وجعل يعدد الإنجازات الموعودة خلال العام الحالي 2015م في مجالات الزراعة، الثروة البحرية، الصناعة، التعدين ....الخ. ولكن الواقع يكذب ذلك كما ظل يكذب كلَّ عام كلَّ المزاعم الإسياسوية المتكررة، لذلك لن نستطيع تحقيق شيء من وعود هذا العام دعك من أن نستشرف أو نقفز الي منجزات العام القادم، بل العكس، فنحن إما أن نظل حيث كنا وإما أن نتراجع الي الخلف خطواتٍ وخطوات.

إن نظام إسياس الدكتاتوري الذي يتلون كالحرباء يلبس أمام حكومات العالم لبوساً وأمام شعبه لبوساً آخر، فهو لكي يخرج من عزلته العالمية والاقليمية يعد حكومات الغرب بإنفاذ الدستور، تحديد مدة أداء الخدمة العسكرية الإجبارية ب18 شهراً، إتاحة الحقوق والحريات الانسانية ...الخ. وعلي العكس من تلك الوعود المعسولة للأجانب فإنه قد توعد كل من هاجر وترك بلاده دون إذن بأشد وأفظع العقوبات والتهديدات، إنه زعم أنه أعز نفساً وشموخاً من زعماء الغرب، كما أن تلفزيونه لا يعرض إلا سوءات الآخرين موارياً النظر عن سوءاته.

إن من يعرف غدر إسياس وكذبه لن يصدق تلك الوعود التي يسوقها عاماً إثر عام، بالأمس قال إنه أقرَّ بالنظام التعددي قبل أن يصبح موضة عالمية كما هو اليوم، واليوم ابتلع وعوده السابقة وتنكر لكل من ناضل أو عمل أو انتظم يوماً خارج حزبه الهقدف، وتحدى من خالف الهقدف الرأي بان يبحث عن مكان لرأيه في االفضاء لا في الأرض. وبعد أن أرهق كاهل الشعب والعالم ضجيجاً بوضع وإنفاذ الدستور ها هو اليوم يعلن أمام الملأ موت ذلك الدستور قبل أن يعلن، كأنه يقول لنا: إنه مات قبل أن يولد. إنه بعد أن ظل يشبع الشعب وعوداً وردية بالحرية، العدالة، الديمقراطية والأمن والاستقرار ها هو اليوم قد تحول الي دكتاتور جلاد يذيق شعبه الذل والهوان، ويبقي رفاق نضاله ومن توجوه رئيساً عليهم وعلي البلاد رهن السجون بلا إدانة ولا محاكمة. إذاً فليس مستبعداً أن يتناسى وعود عامه هذا ويفاجئنا بأقوالٍ أو أفعالٍ مناقضة تماماً لما وعدنا.

Last modified on Sunday, 25 January 2015 18:27