كلمة رئيس الحزب بمناسبة الفاتح من سبتمبر ذكرى انطلاقة الكفاح الارتري التحرري المسلح

2014-09-10 20:17:02 Written by  منقستآب أسمروم Published in المقالات العربية Read 107009 times

 الإخوة والأخوات الكرام

الآباء الأعزاء والأمهات الكريمات

إخوتي أبناء الوطن كافة

 

يطيب لي في البدء أن أزف اليكم التهنئة الحارة بمناسبة مرور الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الكفاح الارتري التحرري المسلح، منذ ذلك اليوم التاريخي التفـَّـتْ جموع الشعب حول شرارة النضال الوطني المسلح وتعهدت برعاية ثورتها حتى أوصلتها في 1991م الي مراميها الأخيرة فتحررت ارتريا من قبضة الاحتلال العسكري الاثيوبي البغيض بسواعد أبنائها، لذا يتوجب علينا في هذا اليوم بالذات أن نجدد التحية والتهنئة الحارة لكافة أبناء بلادنا ونبعث بتحية الإكبار والإجلال الي شهدائنا الأماجد.

 

 

إن القائد الشهيد عواتي ورفاق نضاله من مؤسسي حركة تحرير ارتريا وجبهة التحرير الارترية عندما أعلنوا ثورتهم التحررية كانوا واثقين من التفاف الشعب حولها، وبالفعل لم يخيب الشعب ظنهم، إذ سرعان ما التحق بالثورة أفراداً وجماعات.

 

إسهامات الشعب في إنماء ودعم ثورته التحررية سواء في حقبة النضال السلمي أو الكفاح المسلح كان له الأثر الحاسم علي سرعة نمو وانتشار الثورة. كما أن الانتصار الذي توجت به تلك النضالات لم يكن يوماً جهداً لفرد، جماعة، فئة، طائفة أو تنظيم بعينه، بل كان جماع جهود نضالية جبارة قدَّم فيها الكل دوره وإسهامه مهما كان عظمة أو تواضع ذلك الدور، ولو قمنا نعدِّد تلك الأدوار والجهود من حيث الكم أو النوع لاحتجنا الي صفحات وصفحات. صحيح أن أفراداً قديرين ذوي مجهود عظيم أو عقلية جبارة قد يبرزون كالنجوم من بين الحشود الشعبية، لكن في نهاية المطاف يبقى الشعب بأكمله صانع التاريخ ومتوِّج النضالات بالنصر.

 

هذه الخاصية تنطبق علي كل مجال من المجالات، فالمخترع أو المكتشف مثلاً لا ينطلق في مخترَعه من الفراغ أو العدم، إنه يبني علي جهود وأفكار وبحوث من سبقوه في مجاله، في مجال الرياضة ككرة القدم أيضاً لا تأتي الانتصارات بالجهد الفردي لمن أحرز هدف الانتصار فقط، بل إن تعاون وتكاتف جميع لاعبي الفريق هو الذي يصنع الفوز.

 

إن نضالنا اليوم من أجل الديمقراطية والعدالة كسابق نضالنا من أجل التحرر والاستقلال يتطلب ذات الشروط التي كتبت النجاح لنضالاتنا السابقة عبر التاريخ، لذلك مهما كان دور الأفراد عظيماً ومتميزاً لن يصنع النصر وحده. بل يجب أن نعلم أن ما تتمتع به الولايات المتحدة الامريكية اليوم من نظام ديمقراطي فريد استغرق بناؤه وتطوره نحو 250 عاماً حتى وصل الي مستواه الحالي، ومع ذلك لا تزال مسيرتها الديمقراطية في نمو وتطور مستمر نحو الأفضل والأنسب. لذا علينا أن نعرف هذه الحقيقة وأن نضالنا من أجل الديمقراطية سوف يستغرق وقتاً طويلاً مما يستدعي من كلٍّ منا بذل الجهد المستمر طيلة الحياة. إن مهمة تحقيق الديمقراطية ليست مهمة السياسيين وحدهم، بل هي مهمة الجميع من فئات وقطاعات وأفراد، بل حتى مؤسسات وجهات دولية معنية بنشر القيم الديمقراطية في العالم.

 

علي السياسيين أن يتعاونوا ويتكاتفوا علي كل ما من شأنه خدمة شعبهم وبلادهم، وأن يصْـدُرُوا في كل ما يتعلق بالوطن من أفكار تخدم الوطن والمواطن وتعزز الوحدة الوطنية. إن الديمقراطية عملية تطورية طويلة وليست مجرد شتلة ننتظر نموها وحصادها بين يومٍ وليلة. بل يحتاج بناؤها وترسيخها الي أجيال وأجيال. لذا ليست الديمقراطية بالمهمة السهلة التي يمكن تركها لشخصٍ أو تنظيمٍ أو لفئةٍ اجتماعيةٍ ما.

 

في نضالنا من أجل الديمقراطية والعدالة والسلام يجب ألا نهمل جهد أي فرد أو فكرته أو خبرته، إن الحكم الديمقراطي استماع لرأي الجميع واتباع لرأي الأغلبية واحترام لرأي الأقلية وحفظ حقها في الدعاية لأفكارها وسط الجميع، الديمقراطية تعني التسامح وتبادل الاحترام، وهذا هو المفقود في بلادنا اليوم. إن الديمقراطية والعدالة لا تبنى بالتهديد والوعيد، الشتم والتشويه، ولا بإشهار العصا أو المسدس.

 

إن طغمة إسياس الدكتاتورية الحاكمة تنطبق عليها كل سمات الدكتاتورية والتسلط، هذا فضلاً عن أن الرجل ما زال يعيش عهود حزازات وأحقاد الماضي وغير مستعد لإجراء أي تجديد في فكره أو سلوكه، حيث لا يعترف لأحد بأي حق في إبداء الرأي أو المشورة، لا يهمه في ذلك أن يكون الرأي المقدم صائباً أو خاطئاً، أو ضاراً أو نافعاً. لذا لا يتوقع من هذا النظام أي دور أو إسهام في بناء أو نشر الديمقراطية.

 

عليه يجب أن ندرك أن الديمقراطية وبناءها مسألة تهم جميع المواطنين دون إقصاء لأحد، وبذلك تكون مهمتنا الأولى أن نعمل علي إشراك الجميع في بنائها وترسيخ قواعدها. لذا فإن مقطع نشيد الستينيات الكفاحي التحرري (سبتمبر أيها اليوم التاريخي/ نعاهدك بالنضال بكل ما نملك من قوة) هو شعار نضالنا اليوم من أجل الديمقراطية.  

 

لا يختلف اثنان حول أهمية العلم والتعليم في بناء الديمقراطية، فالمجتمع الجاهل لا يفقه حقوقه الديمقراطية ولا يستطيع الدفاع عنها، ومن هنا تنبع أهمية إيلاء التعليم أولوية قصوى. إن النظام الدكتاتوري اليوم يدَّعي بناء الديمقراطية بينما هو ينشر الجهل ويحل التدريب والتعليم العسكري مكان العلم والبحث العلمي بإغلاق الجامعة الوحيدة بالبلاد، ويقفل المدارس ويدفع بطلابها الي الدفاعات ومعسكرات التدريب، ويجعل أنظار الشباب تتجه نحو الهجرة غير الشرعية ومخاطرها الجـَــمـَّـــة. وَيـَـدَّعي بناء البلاد وتقوية اقتصادها بينما تعاني البلاد الندرة والعدم في كل وسائل العيش والحياة الضرورية.

 

وعلي العكس من الرؤية العدمية والمختلة للنظام لدور الشباب وأهميته في بناء حاضر ومستقبل البلاد يجب علينا نحن أن ندرك أن الهجرة واللجوء ليس حلاً لمشكلات الشباب وأن أخطر ما يواجهه بلدٌ ما، هو إفراغه من شبابه وقواه المنتجة كما يفعل النظام الآن، انطلاقاً من هذه الحقائق يجب أن نعمل بقوة وَجِـدْ من أجل إيقاف سيل هجرة شبابنا ووضع الحد لما يتعرضون له في هجرتهم من مخاطر وأشكال وأنواع المعاناة. بالإضافة الي ما يتعرض له الشباب المهاجرون من تعذيب نفسي وجسدي علي أيدي عصابات الاتجار بالبشر فهناك المعاناة والإتاوات المالية الفادحة التي تقع علي عاتق أقارب الشباب المهاجر ممن يرتهنونهم ويحتجزونهم طلباً لفدية مالية باهظة يطلبونها ثمناً لتحرير أبنائهم. وفوق هذا وذاك فإن هذه المعاناة البشعة التي يعانيها شبابنا أصبحت واحدة من العلامات السلبية الفارقة التي تصم بلادنا بأكملها بأبشع سمعة إنسانية سيئة.

 

هذا لابد أن يدفع شبابنا الي الاقتناع بحقيقة أن التغيير الحقيقي ينبع من الداخل وأنهم رُوَّادُهُ وَصـُــنـَّــاعـُــهُ، كما أن النظام نفسه وما يلاقيه شعبنا علي يده من معاناة سوف يمضي بغير رجعة وسيبقى الشعب والوطن والتاريخ الذي لا يرحم. وهذا ما نستخلصه من تجربة ذكرى الفاتح من سبتمبر، لذا يجب أن نتذكر أنه لو لجأت أجيال آبائنا الي الهجرة والهروب خوفاً من ملاقاة الأعداء والمحتلين الأجانب لما تحققت السيادة الوطنية لارتريا، ولأنهم صمدوا في التصدي للمحتل الأجنبي حققوا لبلادهم استقلالها ونالوا هم الشرف والذكر الحميد الي أبد الآبدين. لذا علينا أن لا نفرِّطَ في سيادتنا الوطنية التي حققناها بما لا حصر له من التضحيات.

 

وحتى تتحقق أهداف الفاتح من سبتمبر كاملةً وننتقل الي زمانٍ أفضل فلنحافظ علي وحدتنا الوطنية بقوة وتماسك.

 

 

 

النصر لنضالاتنا الشعبية والديمقراطية

 

 

 

منقستآب أسمروم

رئيس الحزب

 

                     

 

            

 

 

Last modified on Saturday, 13 September 2014 08:07