×

Warning

JUser: :_load: Unable to load user with ID: 17

كلمة السيد حمدي أحمد عثمان العزازى في مهرجان ارتريا 2014م

2014-08-26 12:43:38 Written by  Published in المقالات العربية Read 7776 times

رئيس جمعية الجيل الجديد لحقوق الإنسان

باسم الله الرحمن الرحيم                      

Text of Qur'an

سورة النساء من آية 97 ـ 114

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّـهُمُ الملائكة ظالمي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ في الأرض قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَهُمْ جَهَنَّمُ وساءت مَصِيراً(97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ والنساء وَالْوِلْدَنِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلا(98) فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوّاً غَفِوراً(99)

السيدات والسادة

يشرفني أن أبدء باسم من أسماء الله وهو السلام و أقول لكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أتقدم بخالص الشكر الجزيل على دعوتي ومنحى الجائزة الكبرى التي لا تقدر بثمن وهى الالتقاء معكم وبكم ، كما أنني أتقدم بخالص الشكر الجزيل إلى المنظمين لهذه الاحتفالية الكبيرة والتي أتمنى أن تكون الاحتفالية الأكبر أن شاء الله قريبا في أسمرة عاصمة أريتيريا الجديدة التي سوف تكتسي بلباس الحرية والديمقراطية ويعم السلام والأمن والأمان على شعبها العظيم ، أحفاد الملك النجاشي ، أول من أوى و أمن صحابة رسول الله علية الصلاة والسلام في بداية الدعوة الإسلامية .

الأخوة والأخوات:

ليس غريباً أن أنخرط في العمل التطوعي لحماية وخدمة اللاجئين وأنا قد بدأت حياتى وأنا عمري أربع سنوات لاجئ أبان الاحتلال الاسرائيلى لسيناء في عام 1967م ،وعرفت معنى اللجوء والتشرد ، وها أنا أحس بمعاناة اللاجئين في سيناء نفس المكان الذي هاجرت منه لاجئاً إلى الأردن ، ولكن معاناة لاجئ سيناء تختلف تماماً عن معاناتي في طفولتي ، و أن تشابهت المأساة في الظروف الجغرافية .

نبدأ الحكاية:

إنني أعمل في المجال التطوعي منذ أكثر من عشر سنوات في بداية 2004 ومنها مساعدة المساجين و خدمة المرضى في المستشفيات ، وقد تقابلت في البداية مع مجموعة من الاريتريين والسودانيين في أحدى أماكن الاحتجاز في أقسام الشرطة بسيناء ، حيث دخلت السجن و أنا مريض ودرجة حرارتي عالية جدا و مصاب بالأنفلونزا والحمى الشديدة ، وكان سبب دخولي في ذلك الوقت هو التحدث عن حقوق الإنسان المصري التي قام النظام المصري بانتهاكها و أعتبر مجرد الحديث عن حقوق الإنسان هي جريمة كبرى لا تغتفر و سجلت لي قضية انتهاك القانون والتعدي والاعتراض على القوانين الجائرة في مجال حقوق الإنسان .

دخلت غرفة الاحتجاز في إحدى أقسام الشرطة و أنا منهك تماما ولا أدرى بما يدور حولي ، ولم أرى عند دخولي الغرفة الشبه المظلمة سوى بعض الشباب الذين يتحدثون بلغة غريبة لا افهمها ، ولكن وجدت هؤلاء الشباب يقومون بمساعدتي على الجلوس ثم أتى البعض يضع المفرش والأغطية الصوف التي يغطى جسمه بها ويضعه تحتي ومنهم من أتى بقماش مبلل بالماء ومسح على وجهي حتى تنخفض درجة حرارتي ومنهم من أتى لي بمعطف ووضعه على جسدي ومنهم من أتى بزجاجة ماء و يسقيني بيده   ويقولون لي ، بلغة عربية مفهومة هل أنت بصحة جيدة الآن ؟ وكنت لا أستطيع الرد من شدة المرض والرجفة التي أصابتني ، ولم أدرى بنفسي وذهبت في نوم عميق .

في الصباح، استيقظت وفتحت عيني ووجدت مجموعة من الشباب يتحدثون لغة غريبة و لون بشرتهم سوداء، اعتقدت أنني قد مت و أنني ألان أحاسب ، و عندما فتحت عيني أكثر وجدت وجوه مبتسمة وضاحكة مرحبة بى ويقولون لي حمدا لله على سلامتك ، وقال لي شاب سوداني ( أنت يا زول كنت بالأمس مثل الميت ) وجاء الباقيين من الشباب يتحدثون بلغة عربية قليلة الوضوح ولكنها مفهومه لي و قدموا لي طعام الإفطار وهو قطعة خبز و قطعة جبنه بيضاء و تشاركوا جميعهم في اطعامى حتى قويت عافيتي قليلا .

بدأت في التحدث معهم و تبادلنا الضحك وسمعت قصص الكثير منهم و كنت أنادى على اسم كلا منهم بالخطأ ويقومون بالتصحيح لي حتى حفظت أسمائهم جميعا ، وفى هذه اللحظات شعرت بكم هائل من الحب والحنان والمشاعر الإنسانية وعرفت وسمعت منهم جميعا كيف وصلوا هؤلاء إلى السجن و كيف غادروا بلدانهم ووصلوا إلى مصر و عبروا إلى سيناء عن طريق عصابات من المتاجرين بالبشر الذين ، شعرت في هذه اللحظة أنني لست من هذه المدينة ( سيناء ) ، كيف يحدث هذا في سيناء ولم أسمع به ، أول مرة أسمع عن دارفور في السودان و أريتيريا ومشاكلها والحروب التي تخوضها مع أثيوبيا و سمعت من أثيوبيين ، كيف أنهم يؤوون الآلاف من الاريتريين في معسكرات للاجئين ، وهنا التبس على الأمر و اكتشفت أنني جاهل في الجغرافيا و التاريخ الافريقى.

يوميين قضيتها مع هذه الصحبة من الشباب ، كانوا لي الأهل و الإخوة ، وتعرفت أيضا على بعض البنات في الغرفة المجاورة وباقي الشباب من الاريتريين والسودانيين في الغرفة المقابلة وقد عاهدتهم عندما أخرج سوف أزورهم كل يوم و أقوم بالاتصال على أهاليهم و أقاربهم حتى أطمأنهم بأن أبنائهم بخير و أنهم يحتاجون إلى تذاكر سفر للعودة ولكن إلى أثيوبيا وليس اريتريا وهذا خوفا من العقاب و المصير الذي سوف يلاقوه في حالة عودتهم إلى بلدانهم والسودانيين منهم أيضا وقررت منذ هذه اللحظة أن أهتم بالبحث و التحري في باقي أقسام الشرطة في سيناء عن محتجزين أفارقة أحرين .

في اليوم الثالث قادتني الشرطة إلى النيابة للتحقيق معي، و أحمد الله أن القضاء أفرج عنى و أمر الشرطة بإطلاق سراحي، ومنذ هذه اللحظة قررت أن تكون قضيتي الأولى والأخيرة هي قضية اللاجئين الأفارقة في سيناء وباقي محافظات مصر كلها.  

عدت مرة أخرى إلى قسم الشرطة لزيارة أصدقائي و أحضرت معي كل ما أستطيع أحضارة من طعام و ملابس و أدوية ، وقال لي مدير قسم الشرطة أن جميع أقسام الشرطة في سيناء مملوءة بالمساجين الأفارقة و هم بالآلاف وقال لي يمكنك أن تساعد هؤلاء إذا أردت ، و قد فعلت ذلك بعد أن طلبت من مدير الأمن في سيناء أن يصرح لي بزيارة السجون ، وكان الضباط يقدمون لي كل التسهيلات لمقابلة الآلاف من هؤلاء ألاجئين و قد وضعت خطة رائعة وهى بأن أقوم بوضع هاتف في كل قسم شرطة و أقوم بشحن هذا الهاتف برصيد بسيط فقط بحيث يقوم المسجون بعمل رنة فقط و يعاود أهلة الاتصال عليه لاحقا ، وقد نجحت هذه الخطة بعد أن لاقت استحسان الشرطة المصرية حيث كانت لها أثر جيد في سرعة سفر الكثير منهم .

أيها السيدات والسادة الحضور ، بدأت في التوسع والبحث والاطلاع على شبكات الانترنت حتى تعرفت على الكثير من المنظمات الدولية التي تهتم بشئون اللاجئين وخاصة الاريتريين والسودانيين ، حتى تعرفت إلى أحدى المنظمات في الولايات المتحدة الأمريكية ( جون ستوفر ) ومن ايطاليا ( روبيرتو ميلينى )

و أبدوا فورا التعاون معي في نشر التقارير أول بأول يوميا ونقل الصور من السجون والمستشفيات والمقابر بصورة يومية وكانوا يقومون بمجهود كبير جدا في نقل الصورة من مكان الحدث ، وفى هذه الأثناء كنت أقوم بعملي هذا بكل سرية حتى لا أتعرض للمضايقات من الشرطة أو من الحكومة المصرية ، ووجدت نفسي أعمل ليل نهار بدون أي شعور بالتعب أو الملل ، وقمت بطرق جميع الأبواب مثل وزارة الخارجية وقوات حرس الحدود ، وبدأت في فتح أبواب الإعلام من كل مكان داخل مصر وخارجها ، ومدهم بالصور وتفاصيل كثيرة و هذا لدفع الحكومة المصرية في ذلك الوقت لاتخاذ اللازم لوقف هذه المأسى في سيناء ، وتعرضت لعشرات المرات إلى تهديدات بالسجن ، والتهمة هي الإساءة إلى سمعة مصر في الداخل والخارج و تعريض الأمن القومي المصري إلى الخطر ، حيث تحدث وزير الخارجية المصري في ذلك الوقت ( أحمد أبو الغيط ) وأنكر تماما بوجود مشاكل للاجئين في مصر عامة وسيناء خاصة وأنه لا توجد تجارة بشر في مصر ، هذا بالإضافة إلى تعرضي لعشرات التهديدات بالخطف والقتل لي ولجميع أفراد أسرتي ، وقد حدث بالفعل وتم تنفيذ إحدى هذه التهديدات على أحد أطفالي وتم تكسير كل عظامه الضعيفة من أيدي و أرجل وعظام الوجه والعين على أيدي عصابات الأجرام من المتاجرين بالبشر وهذه إحدى الفواتير التي دفعتها حتى يجبروني عن ترك هذه القضية .  

السيدات و السادة الحضور :

بعد تعمق وبحث وعمل مسح شامل ومقابلات مع المئات والآلاف من اللاجئين في السجون والمستشفيات في جميع مناطق سيناء ومناطق الجنوب على الحدود المصرية السودانية والقيام بزيارات ميدانية وبحثية بصورة سرية في الغالب ، حيث ظهرت لي الأمور بشكل أكثر وضوحا ، و هو أن هناك عصابات منظمة ومتشابكة تعمل من عدة دول وتقوم هذه الشبكات كلاً حسب دورة يتم من خلالها تسليم مجموعات اللاجئين لبعضهم البعض وكلاً يحصل على المال وكانت الحرب والاضطهاد من أهم أسباب هروب اللاجئين من بلدانهم فهم يضحون من أجل ذلك بكل ما يملكون حتى لو تطلب الأمر بيع منازلهم وحيواناتهم وكل ما لديهم للهروب من هذا الجحيم، وتظهر قمة المأساة في النساء الذين يدفعون ثمن هروب أزواجهم أو أخوانهم من الخدمة العسكرية في بلدانهم مما يضطرهم للهروب بأطفالهم ،وتتضاعف المأساة والمعانة في طرق الهروب ما بين المشي عشرات الكيلومترات أو الاضطرار للاختباء في عربات البضائع أو تانكات مياه كبيرة يحشر فيها العشرات ويساقوا مثل الحيوانات بالمئات والآلاف في مجموعات يقوم بتقسيمها عصابات الإجرام ، وما بين كل محطة انتقال يسقط نسبة كبيرة متوفين نتيجة الإصابة بالأمراض أو الاختناق أو الجوع و العطش ،وقد قمت بتتبع رحلات الهجرة واللجوء بدءً من الحدود السودانية المصرية و اقتربت من العصابات التي تعمل على الحدود المصرية السودانية من قبائل الرشايدة التي يعود أصولها من السعودية واليمن , وهؤلاء من كانوا يؤوون الإرهابيين الذين نبذوا من بلدانهم ونبذوا من المجتمع الدولي , وقد وفرت لهم قبائل الرشايدة سبل العيش بينهم في أمان , وها هي مازلت تعبس بأمن مصر والمنطقة كما أنها تعبس بمقدرات وحياة مئات الآلاف من السودانيين والاريتريين الذين هربوا من بلدانهم من جحيم الظلم والفقر والحروب , بحثا عن حق الحياة والحرية , وليجدوا أنفسهم في النهاية ضحايا بين أيدي المجرمين من عصابات الاتجار بالبشر , التي تعبس بحدود مصر الجنوبية وتصول وتجول كيفما شاءت دون رادع أو رقيب وفى غياب تام للسيطرة على حدودنا بشكل فعال ، هذه القبائل للأسف الشديد تزود بالسلاح من قبل الحكومة السودانية ويعتمد عليهم لإسكات أصوات المعارضين في السودان ووصل الأمر إلى قتل العشرات من المعارضين لنظام الحكم خاصة القبائل من أصول أفريقية وأقامت هذه العصابات علاقات مع حكومة ( أسياس أفورقى ) لإجبار الفارين من الاريتريين إلى الحدود السودانية بعودتهم إلى اريتريا مرة أخرى لتقوم الحكومة الاريترية بقمعهم وإعدامهم و تطور الأمر بعد ذلك ووصل إلى بيع هؤلاء في سوق مفتوحة لمن يدفع أكثر حتى وصل بهم الأمر بيع من بيع للعمل كمرتزقة للعمل والمشاركة في الحرب الدائرة في ليبيا أو بيع ألاف الأطفال إلى سوق الرق في دول الخليج التي تبحث عن زيادة رفاهيتها وذلك لاستخدام هؤلاء الأطفال في سباقات الهجن أو إلى دول أوروبية تستخدمهم في تجاربها العلمية وتقوم بنزع ( الخلايا الجزعية ) للآلاف من الأطفال الأفارقة الذين أضحوا ليس لهم سعر و أصبحوا أرخص ثمنا من فئران التجارب ،أو بيع إلى الاسرائليين عبر سيناء لاستخدامهم قطع غيار بشرية لإسرائيل أو لإجراء التجارب العلمية والطبية ( وخاصة الخلايا الجزعية ) وبنوك للجلود البشرية وهم مستعدين للعمل مع الشيطان نفسه من أجل المال , وهذا وضح في تقارير سابقة عن عصابات بيع الأعضاء في إسرائيل ومنها من قبض علية في شبكة سوبرانو اليهودية الشهيرة في نيويورك ومنها وربما لا يعلم الكثير منا إن إسرائيل الدولة الوحيدة المحسوبة على الاتحاد الاوروبى التي تسهل تجارة الأعضاء ، والتي اقرها ( ايهود المرت ) رئيس وزراء إسرائيل السابق في 1992 عندما كان يشغل وزيرا للصحة , وقد قامت وسهلت هذه العصابات داخل إسرائيل وبالاتفاق مع القلة التي فقدت الضمير والأخلاق الإنسانية ممن اتخذوا من سيناء وبعض الأماكن الحدودية ملاذ لهم لترويج بضاعتهم , واستخدموا لكسب المال كل أنواع التنكيل والتعذيب والإجرام والقتل والاغتصاب ، دفن في مختلف أراضى سيناء المئات منهم واحتضنت مستشفياتها التي تفتقر إلى الإمكانيات ، العشرات والمئات من المصابين بسبب التعذيب أو القتل وملئت ثلاجات حفظ الموتى ولسنوات بالكثير منهم ، هؤلاء الفقراء المهجريين أو ممن أجبرتهم عصابات الإجرام على تحويل ألاف الدولارات كفدية لإطلاق سراحهم وإلا سوف يلاقوا شتى أنواع التعذيب , باستخدام الكهرباء أو تسبيح خراطيم البلاستيك على أجسامهم أو تجوعيهم ، وهناك من علق من قدميه كالذبيحة في سقف غرفه وتم كيه بالفحم أو الأسياخ الحديدية ومن النساء من تعرضن لنفس ألوان التعذيب وقد رصدت بنفسي ولسنوات هذه الانتهاكات التي لا يقرها أي دين أو شرع ، دفن منهم العشرات في مقابر جماعية موثقة بالصوت والصورة ، سمعنا ألاف القصص ممن نجوا من هؤلاء القوم الظالمين من أشكال وألوان التعذيب منهم من رسم على لوح ورقية خط سيرة منذ خرج من بلادة حتى وصوله إلى الحدود ، وكان الشريك المتواطئ على تلويث هذه السمعة هو بعض الإعلام المصري الذي أظهر وأستخدم صفة الجمع ولصق التهم إلى كل أهالي سيناء دون تمييز .

السادة الحضور : لقد وسعت دائرة البحث أكثر فأكثر ، وكنت أقوم بتوثيق كل صغيرة وكبيرة من معلومات و الاهتمام بقضية اللاجئين بشكل أوسع حيث أتضح لي أنها ليست تجارة ، بل جرائم ترتكب في حق الإنسانية ، و أصبح اللاجئ والمهاجر سلعة يباع حيا أو يباع قطع غيار و أصبح سلعة عالمية لها شبكات تديرها عصابات منظمة و يدخل أو يتورط فيها مسئولين فاسدين من أصحاب القرار وبنوك محلية ودولية .

سيناء كان لها النصيب الأكبر من هذه المأساة فسيناء المحطة الأخيرة للاجئين حيث يتم توزيعهم في أماكن متفرقة بالقرب من الحدود ووصولهم بعد أسابيع من السير على الأقدام أو يتم شحنهم في عربات للبضائع وهم مقيدين بالحبال والسلاسل الحديدية كالحيوانات حيث يتم تلقينهم شتى أنواع التعذيب و يتعرضون إلى الابتزاز و تتعرض النساء والبنات صغيري السن إلى الاغتصاب وهذا لإجبارهم على الطلب من أهاليهم وأقاربهم بتحويل مبالغ من المال تصل إلى الستين ألف دولار أمريكي ويتمنى هذا المهاجر أو اللاجئ أن يموت من شدة العذاب والحرق والتنكيل وإذا حاول الهرب فيكون مصيره الموت أما بطلق ناري أو الموت في الصحراء من شدة الجوع والعطش.

الوصول إلى الحدود:

عند وصول هذا المهاجر إلى الحدود مع إسرائيل في حالة دفع المبلغ المطلوب منه تقوم عصابات التهريب بإرشاده إلى طريقة الهرب والعبور إلى الحدود الإسرائيلية وهنا يواجه اللاجئ احتمالين إما يقبض عليه من قبل السلطات المصرية ويسلم إلى أقسام الشرطة المنتشرة في جميع أنحاء سيناء ويمكث في السجن بضع شهور طويلة حتى يتم ترحيله إلى وطنه عن طريق أحدى المعسكرات التي تستقبل آلاف اللاجئين كل يوم وقد يصاب بسبب حبسه هذه الفترة الطويلة في السجن بالعديد من الأمراض ، أقلها الأمراض الجلدية .

الاحتمال الثاني: تعرضه لطلق ناري من قبل حرس الحدود المصري أو حرس الحدود الاسرائيلى ففي الغالب الإصابة تكون في الرأس أو البطن أو الصدر وجميعها في أماكن قاتلة فيؤدى إلى وفاته في الحال أو يتم نقله لمستشفى العريش العام بعد ساعات ويكون في حالة خطرة أيضاً ويموت بعد يوم أو يومين وإطلاق نار في هذه الأماكن مخالف للقوانين الدولية .

أما إذا كانت الإصابة في الظهر أو الفخذ أو القدم فهنا تبدأ مأساة من نوع آخر حيث يبقى حيا وهو أو هي مصاب بشلل نصفى أو كلى في المستشفى لأسابيع وشهور دون وجود إمكانيات تفي بعلاجه أو إجراء عملية جراحية له فيتم علاجه بشكل سريع ويسلم إلى قسم الشرطة وهو مازال في حالة إعياء شديدة ومنهم في حالة شلل كامل ،والمحظوظ منهم من يجد الجهات الخيرية التي تقوم بنقله إلى مستشفى خاص بالقاهرة ويتم تركيب شرائح معدنية لتجميع العظام المتفتتة في الأرجل والفخذ هذا بالإضافة إلى المعاملة السيئة من بعض الأطباء والممرضات الذين كانوا يتأففون من الاقتراب والتعامل مع الحالات المصابة ، كما رأيت من البعض الذين يبصقون ويسبون بعض المرضى ويقولون لهم ( تريدون دخول إسرائيل للعمل في الجيش الاسرائيلى وتعودوا تحاربوني ) ، هذا نفس ما ذكرته بعض الصحف وقنوات التلفزيون المصرية التي بدأت التحدث عن استحياء عمل يدور في سيناء بعد سنوات من تحدث الصحف وقنوات التلفزيون العالمية عن هذه المشكلة ، وكان الإعلام المصري يتعامل مع هذه المأساة بصورة مغلوطة ومعلومات تفتقر إلى المصداقية والمهنية ، حتى أن بعض الصحف المصرية مثل ( صحيفة اليوم السابع ) وقناة الحياة المصرية وقناة ( ON TV ) قامت بسرقة مئات الصور وكثير من الفيديوهات من مكتبي وتم نشر الصور بشكل لا انسانى على الصحيفة ونشرت الفيديوهات على قنوات التلفزيون بشكل يمس المشاعر الإنسانية والتي احتفظت بهذه المشاهد لفترات طويلة رافضا عرضها حتى لا تتأذى المشاعر الإنسانية ولكنهم مجموعة من اللصوص الذين لا يحترمون الملكية الفكرية وهذا بعد كتابة اسم صحيفتهم وقنوات التلفزيون على مقاطع الفيديو وعلى الصور و التي تدل على أنهم من قاموا بعمل هذه اللقطات ، أما الصحف وقنوات التلفزيون العالمية فقد تعاملت معي ولسنوات طويلة بكل مهنية واحترام مما جعلني أقوم بتزويدهم بكل ما هو جديد بدون الحصول على مقابل مادي ، حيث نشرت أكثر من 90% من الصور والأفلام التي عرضت على وسائل الأعلام في العالم ، كنت أنا مصدر هذه الصور والمعلومات ، مما أسهم في نشر المعلومات التفصيلية لهذه الجرائم التي ترتكب في سيناء طيلة سنوات    .

في حالة الوفاة :

هذا أبشع مناظر يمكن للبشر أن يرونها حيث تصل الجثث بأعداد كبيرة وتجمع في مشرحة المستشفى بالعريش وقسم المشرحة يفتقر إلى قلة أعداد ثلاجات حفظ الموتى حيث يتم حفظ ثلاث أو أربع جثث في درج واحد وأحيانا يكون لشهور طويلة بسبب عدم معرفة هوية القتيل و تأخير في الإجراءات القانونية لهم مما يؤدى إلى تحلل الجثث كما إن الإجراءات القانونية لاستخراج تصاريح الدفن تستغرق أحيانا أسابيع أو شهور وهذا انتهاك لحرمة المتوفى الذي لابد من إكرامه بالدفن بالسرعة الممكنة ، وكان هذا ينهكني أنا شخصيا حيث كنت أقوم بكل صعوبة في البداية بتوفير مادة الفورمالين التي تحقن بها الجثث حتى لا تتحلل ، و أحيانا أخرى أضطر إلى إصلاح الثلاجات التي تتعرض للتوقف و تحتاج إلى إصلاح وصيانة وتتسبب في تعفن الجثث ، وعند الدفن أيضا نواجه مشكلة في إيجاد ثمن الأكياس النايلون و الأكفان التي نغطى بها الميتين من الضحايا ونجد أيضا جريمة أخرى في حق هؤلاء القتلى ، حيث اننى أقوم بدفنهم في مقابر خاصة بهم و بأعداد كبير في منطقة ليس بها سور يحمى هذه المقابر من الكلاب الضالة التي تنبش عن الجثث و أضطر فيما بعد بإعادة دفن العظام و قد ناشدة لآلاف المرات أهل الخير ليتبرعوا لبناء سور لحماية قبور الموتى من نبش الكلاب الضالة ولكن بدون جدوى و لم أجد من يسمع ، و لكن الله أراد أن يساعدني أن أرسل لي (John Stauffer- President the America Team for Displaced Eritrean ) هذا الرجل الذي قام بدعمي ومساعدتي للقيام بتوفير الدواء والملابس والطعام للآلاف من الاريتريين والسودانيين في السجون والمستشفيات وفى المقابر أيضا ، وكان الدعم الذي يقدمه يحل لي عشرات المشكلات التي تواجهني ليل نهار ، بالإضافة انه أول من يتسلم منى تقريرا يوميا موثق بالصور عن كل ما هو جديد ، الأعداد التي تصل بشكل يومي إلى أقسام الشرطة مدعمه بالأسماء والجنسية وتفاصيل ربما قد تساعد من يبحثون عن ذويهم ، و الأعداد التي تصل إلى المستشفى مصابة بطلق ناري آو مصابة بأمراض خطيرة أو متوسطة ، وهذا الرجل كان لي خير سند وداعم معنويا وماديا ، حيث أن الدعم المالي صعب الحصول علية ولكن ما قام به هذا الرجل كان يحل بعض المشكلات ، وكان يساندني في تقديم الأعلام لي والتعريف بما أقوم به ، ويقدم المساعدات لعقد مؤتمرات داخل مصر للتعريف بحجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها ألاف اللاجئين والمهجرين من انتهاكات ، من تعذيب وقتل ، حتى توسعت أكثر و أكثر في التحدث مع الصحف العالمية وقنوات التلفزيون العالمية عن ما يدور في سيناء من انتهاكات مجموعات من العصابات والمجرمين الذين يتاجرون في البشر في أسوء صورة عرفتها البشرية ، أعادت عهد العبودية إلى وقتنا الحالي ولكن في صورة أبشع مما مضى من العهود السابقة ، هذا بالإضافة إلى أن نفس التقارير والصور كانت ترسل إلى ( Everyone group ) في ايطاليا للسيد ( روبيرتو ميلينى ) كما تعرفت فيما بعد على السيدة (Meron Estefanos  ) التي كانت ترسل لي طلبات بحث عن مفقودين أريتريين وكنت أرسل لها يوميا تقارير مدعمة بالصور والبيانات التفصيلية وقد عثرت لها على العديد من المفقودين التي طلبت منى البحث عنهم و أرسلت لها مئات و ألاف الصور و الأسماء و التي كانت تقوم بدورها بتوزيعها أو نشرها للتعرف على أقرباء وعائلات هؤلاء الضحايا .

مرت شهور و شهور ، وزاد حجم المعاناة أكثر و أكثر ، زادت أعداد القتلى التي تصل إلى المستشفيات والتي اضطرتني عشرات المرات أن أقوم بدفن أعداد كبيرة في مقابر جماعية بها عشر جثث أو أكثر ، وزادت الأعداد التي تصل إلى المستشفيات مصابة بطلق ناري أو تم العثور عليها ملقاة في الصحراء وكنت في أحيان كثيرة أقوم بدفن عشرات الجثث في الصحراء ، أي في المكان الذي يتم العثور عليهم وهم قتلى بسبب التعذيب من عصابات الإجرام المتاجرين بالبشر والمهربين الذين لا يتورعون من القيام بالتعذيب و القتل ، غير مبالين بأي معاني أو مشاعر إنسانية ، وهم يحتمون في الصحراء والجبال الشاسعة في سيناء والتي لا يستطيع الجيش أو الشرطة المصرية الوصول لها ، حيث تحتاج هذه المساحة الواسعة إلى أعداد كبيرة تقدر بالآلاف للسيطرة على المناطق الجبلية وضبط الحدود والسيطرة عليها بشكل فاعل بين مصر و إسرائيل وهذا يعود إلى بنود اتفاقية السلام المصرية الاسرائلية التي تقيد مصر و تلزمها بنشر أعداد قليلة من قوات الجيش والشرطة على المناطق الحدودية مما يؤدى إلى سهولة حركة المهربين من عصابات الاتجار بالبشر وتجار المخدرات والسلاح ، حيث لدينا مثال واضح وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك التكنولوجيا الحديثة والأعداد الهائلة من قوات الجيش والشرطة لضبط حدودها ، ومع ذلك لم تستطيع ضبط حدودها مع المكسيك بشكل فاعل ، كل هذا جعل عصابات الاتجار بالبشر والتهريب تصول وتجول وتقوم بالقتل والتعذيب وبكل أنواع الانتهاكات بدون رادع أو رقيب أو قانون يوقف هذه الجرائم وفى ظل وجود مؤسسات و جهات حكومية تنكر تماما وجود تجارة بشر في مصر عامة وسيناء خاصة .

مرت شهور أخرى ، زادت معها أعداد القتلى والمصابين ، وتوسعت دائرة عملي أكثر فأكثر ، فبالإضافة إلى عملي الانسانى من زيارة السجون والمستشفيات وتقديم الطعام والدواء والأدوية ، انتقلت إلى مرحلة الحرب التي ترجمت على الأرض فورا ، من زيادة تنظيم المسيرات مع الكثير من أهالي سيناء من البدو الذين يسكنون بالقرب من المناطق الحدودية التي تستخدم في التهريب و احتجاز الأفارقة وتعذيبهم في مخازن و بيوت أصبحت معروفة ومحددة على الخارطة ونشر أسماء تجار البشر على الانترنت ، والتحدث في المساجد وتعريف المجتمع في سيناء بما يقوم به القلة من أهل سيناء الذين لا يمثلون 1% من أهالي وبدو سيناء الحقيقيين الذين يلوثون سمعة سيناء وهم فئة ضالة خارجة عن القانون ، كما تحدثت على الملء في العشرات من برامج التلفزيون المصري والعربي والعالمي و أصبحت هذه المشكلة معروفة عالميا مما تسببت في أن تكون ورقة ضغط على مصر للتحرك لوقف نزيف الدم الذي يراق في حق الآلاف من الأفارقة في سيناء حتى وصلت إلى درجة مجازر ترتكب في حق الإنسانية مما يسيء إلى سمعة مصر في العالم في مجال الاتجار بالبشر وحقوق الإنسان ، وقد زادت أعداد القتلى بصورة كبيرة في بداية ثورة 25 يناير 2011 ، حيث تعرضت مصر إلى أسوء خلل أمنى في تاريخها ، حيث خلت سيناء تماما من الشرطة بالإضافة إلى قلة أعداد رجال حرس الحدود مما تسبب في زيادة حركة عصابات ومهربي البشر مما تسبب في زيادة أعداد القتلى والجرحى وزيادة حجم الكارثة الإنسانية بصورة يصعب السيطرة عليها ، و مما فأقم المشكلة أكثر هو سقوط أعداد كبيرة من رجال الشرطة والجيش بين قتلى وجرحى على أيدي هذه العصابات المجرمة التي استغلت الفراغ الامنى في سيناء خاصة ومصر عامة ، حيث سجلت أعلى أرقام من المهاجرين قد وصلت إلى سيناء ومنها عبرت إلى إسرائيل ، ولكن انتابني الشك في الأعداد التي ذكرتها إسرائيل حيث كانت تمثل فقط نصف الأعداد الحقيقة ، وهذا جعلني أطرح سؤال واضح وهو .. أين باقي الأعداد التي دخلت إلى إسرائيل ؟ و هي تقدر بالآلاف ولم يعلن عنها .

بعد الثورة المصرية وسنوات الانفلات الامنى ، جاء تغيير جديد في مصر بقيادة عسكرية وضعت أمام نصب عينها القضاء على الإرهاب في مصر عامة و سيناء بشكل خاص والتي تشكل مركز تجمع لكثير من عصابات الاتجار بالبشر وتجار المخدرات والسلاح ، وقامت القوات المسلحة المصرية والشرطة بتحديد الأهداف في المناطق التي يكثر بها مخازن تجميع المهجرين والقريبة من الحدود وتم مهاجمتها على مدار شهور طويلة بكافة أنواع الأسلحة بما في ذلك الطائرات العمودية و الدبابات الثقيلة ، ونتج عن هذه الحرب سقوط العشرات من هذه العصابات بين قتلى و جرحى وقبض على عدد كبير منهم وفر الباقين إلى الجبال البعيدة ، كما تم تحرير المئات من الأفارقة ، وكانت التضحيات التي قدمها الجيش والشرطة المصرية كبيرة جدا ، حيث قتل و أستشهد العشرات من خيرة رجال الجيش والشرطة المصرية من ضباط وجنود ، وكل هذا ترك نتيجة و أثر طيب في العالم كله ، بأنه قد تم بالفعل القضاء على تجارة البشر في سيناء تماما وتوقفت المأساة والمعاناة وتوقف القتل والتعذيب وكل أنواع الانتهاكات نهائيا و بلا عودة

، فمن هنا أطلب من الجميع تقديم التحية لكل الشهداء من اللاجئين والمهجرين وقوات الجيش والشرطة المصرية والتحية إلى أهالي سيناء الشرفاء الذين تضامنوا معي في حربي على عصابات ومافيا الاتجار بالبشر والذين انتفضوا جميعهم واصطفوا صفا واحدة في الحرب على هذا الداء الذي استشرى على أرض سيناء، ليقولوا بصوت واحد , لا للقتل والتعذيب على أرض سيناء ولا لهذه التجارة المحرمة في جميع الأديان السماوية وقالوا جميعا بصوت واحد ( لا لتجارة البشر على أرض سيناء ) و حشدت القبائل في مسيرات جابت المدن الحدودية ،و استخدمت المساجد والخطب فيها للتنديد بهذه الأعمال المشينة وحث الجميع على المشاركة في القضاء على هذه التجارة المحرمة والتي ترفضها كل الأديان والأخلاق الإنسانية ، كما أنني أتقدم بالشكر إلى وسائل الإعلام التي نقلت هذه المأسى إلى العالم و حركت الضمير و المشاعر الإنسانية والشكر الجزيل إلى شركائي الحقيقيين وأصحاب الفضل في هذا النصر وهم السيد جون ستوفر – رئيس (John Stauffer   - President the America Team for  Displaced Eritrean – USA)

ومن ايطاليا صديقي روبيرتو ميلينى الذي كتب مئات المقالات على مدار سنوات و منحنى جائزة ماكوين وهو رئيس منظمة ( Every one group – Roberto Milini )

شكرا مرة أخرى و أتأسف على الإطالة

اللهم انى بلغت اللهم فاشهد

Last modified on Tuesday, 26 August 2014 14:48