المحافظة على السلم الاهلي في ظل سياسات النظام المستبد
2025-11-24 08:25:49 Written by Eritrea al-touq Published in المقالات العربية Read 16 times“ اولا اعتقلوا الشيوعيين, ولم احتج لأنني لم أكن شيوعبا.
ثم اعتقلوا النقابيين, ولم احتج لأنني لم أكن نقابيا.
ثم اعتقلوا اليهود , و لم احتج لأنني لم أكن يهوديا.
ثم جاءوا من أجل اغتقالي لم يبق أجد ليحتج.”
القيس مارتن نيمولر
تعبر المقولة عن خطورة الصمت أمام الظلم , وان التسامح مع اضطهاد فئة ما يمهد الطريق لاضطهاد الجميع فب النهتية.
الى الرسالة:
يشكل السلم الاهلي الركيزة الاساسية لبقاء الدول واستقرارها , اذ لايمكن مجتمع ان يحقق التنمية او العدالة من دون أرضية من التعايش السلمي بين مكوناته المختلفة. والسلم الاهلي ليس مجرد غياب للحرب أو العنف , بل هو منظومة قيم وسلوكيات قائمة على الاحترام المتبادل , المواطنة المتساوية , والعدالة الاجتماعية .
وفي الحالة الارتريا , تبرز أهمية هذا المفهوم بشكل خاص نظرا لما تتميز به البلاد من تنوع ديني وثقافي ولغوي الذي كان تاريخيا مصدر غنى وقوة , لكنه اصبح في ظل النظام الاستبداي القائم اداة لتفكيك المجتمع واضعافه الذي يجب الشعب الارتري ان يحسب له الف حساب.
منذ اعلان الاستقلال عام 1993 , كان الامل الارتري معقودا على بناء دولة الموطنة والمساواة التي تحترم التنوع وتستند الى شرعية الحرية. غير ان النظام الحاكم بقيادة اسياس افورقي سرعان ما انقلب على هذا الحلم الوطني, فأقام نظاما شموليا احتكر السلطة والثروة, واخضع المجتمع برمته لرقابة امنية صارمة وحول الوطن الى سجن كبير واعتمد سياسة القمع الممنهج ضد المعارضين والناشطين , وفرض خدمة وطنية دائمة ترقى الى العمل القسري. هذه البيئة المغلقة جعلت من الخوف والشك لغة يومية في حياة المواطنين وأضعفت الثقة بين ابناء المجتمع الواحد.
لقد ادرك النظام منذ وقت مبكر ان السيطرة السياسية تمر عبر تفكيك الروابط الافقية التي تجمع المواطنين فعمل على استغلال الانتماءات المختلفة وتوظيفها أداة لتشويه صورة الخصوم وتبرير القمع وستخدما خطاب يقوم على ترسيخ فكرة المهددات الوجودية بحيث يصور أي معارض عميل لطرف خارجي ومن خلال سياسة التمييز والاقصاء استطاع من احداث شرخ عميق في النسيج الاجتماعي الذي كان يميز المجتمع الارتري قبل الاستقلال.
في مواجهة هذه السياسات تبرز الحاجة الى واعي وطني والعمل بمسؤلية يعيد تعريف تأكيد الانتماء على اساس المواطنة لا القبيلة او المعتقد او المناطفية . فالمجتمع الارتري رغم معاناتة الطويلة مازال يمتلك من عناصر القوة ما يؤهله لاعادة بناء ذاته . الخطوة الاولى لذلك دون ادنا شك تتمثل في التنبه الى فخاخ النظام الذي يسعى لتأبيد سلطته عبر تغذية الانقسامات , واقناع كل فئة بأنها مهددة من الاحر . ان ادراك هذه الحقيقة شرط اساسي للمقاومة وجميع المكونات الارترية , لان مواجة الاستبداد والانتصار علية لا تتم دون التضامن الشعبي ونبذ التفرقة.
كما تقع مسؤلية كبيرة على النخب والمثقفين والاعلامين في الخارج لنشر ثقافة السلام والتسامح والتعايش وتفنيد خطاب النظام القاءم على التخويف والفرقة , يمكن للعلام المستقل والجاليات الارترية في المهجر ان تلعب دورا محوريا في بناء الجسور بين المكونات المختلفة واعادة الثقة التي دمرها النظام وعليها ان تضطلع بهذا الدور وتتجنب اي ممارسة توقع المجتمع في الفخ المنصوب لها من النظام , وكل مبادرة تدعو الى الحوار الوطني والمصالحة المجتميعية هي دون ادنى شك خطوة في طريق استعادة الوطن من براثن الاستبداد.
وبذلك يكون الحفاظ على السلم الاهلي ليس شعارا سياسا بل وجبا وطنيا واخلاقيا تبدأ ملامحه حين ندرك كارترين ان قوتنا في وحدتنا وليس في انقسامنا وأن الاستبداد الجاسم على صدورنا لايهزم بالسلاح فقط بل بالوعي , والعمل العقلاني, والتضامن من اجل الهدف المشترك, والاصرار على مستقبل يليق بتضحيات الأجيال التي ناضلت من أجل الاستقلال.