اِبـْـنِ مجدك بقدراتك لا بضعف الآخرين

2016-11-05 19:15:00 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2949 times

للقدرة أو الكفاءة معانٍ متعددة بحيث لا يمكن حصر معناهما في شيء محدد نطلق عليه وصف القوة أو القدرة. لكن إجمالاً يمكن تلخيص القدرة أو الكفاءة في القدرة علي إنجاز ما يلينا أو يسند الينا من مهام. هذه القدرة علي الإنجاز يمكن اكتسابها عبر العمل والتجارب التطبيقية المستمرة. والكفاءة لا تنحصر علي الإنجاز فحسب، بل لها دور حاسم في تقييم قدراتك وما إذا كنت في حياتك شخصاً ناجحاً أم فاشلاً.

 

الفاشلون في حياتهم يحاولون الاستقواء بضعف واحتقار الآخرين بدلاً من الاعتراف بأن فشلهم يعود الي عوامل ذاتية. يجري ذلك بين الأشخاص والمؤسسات. وليس من المبالغة القول إن المرض العضال الذي تعانيه معارضتنا الوطنية اليوم ليس إلا هذا، أي نسب الفشل الي آخرين وعوامل خارجية، إن من الكفاءة أن تتغاضى عن سلبيات الآخرين وأن تشيد بقدراتهم مهما كانت ضئيلة، علي أن لا يكون ذلك دفاعاً عن السلبيات وتستراً عليها، بل أن نفعل ذلك ونحن نرنو الي معالجة نقاط الضعف والقصور لا تضخيم السلبيات.

 

 عند الفشل في إنجاز مهامنا يجب أن نحاور أنفسنا متسائلين عن تحديد عوامل الفشل وهل منها ما يعود الينا أم لا، وهذا التصرف في حد ذاته كفاءة ونقطة تحسب لصالح من يعمل فيفشل. ومن يدرك خطأه يجب أن يقوم بالمعالجة الفورية لخطئه. كما لا يجب أن يخجل المخطئ من طلب المساعدة من الأشخاص أو المؤسسات ذات الصلة بعمله أو مهمته. أما إذا وصل الشخص المعني الي خلاصة مفادها أنه غير قادر علي إنجاز مهمته لا بنفسه ولا بمساعدة الآخرين يجب أن لا يتأخر عن إعلان فشله وتسليم مفاتيح المهمة لمن يظن بهم القدرة بدلاً من التخزين غير المشروع للمهمة في أدراجه أو سلة مهملاته. الاعتراف بالفشل يعتبر في حد ذاته دليل قدرة وكفاءة. أما الفشل فهو أن تعلق فشلك علي كتف الآخرين، الأمر الذي سوف يقلل من قدرتك حتى علي التخلص من عيوبك. إن الاعتماد علي تشويه الآخرين لن يضرهم إلا بصفة مؤقتة، لكن لا شك سوف يجتازون ما تضعه أمامهم من معيقات. بينما يدفع الفاشل ثمن تصرفاته السيئة في تحميل الآخرين أخطاءه وفشله.

   

في مثل حال نضالنا من أجل التغيير علي الرغم من كوننا في معسكر واحد، فإن حدوث خلاف وفوارق داخل معسكرنا أمر طبيعي مسلـَّــم به، وقد ينعكس ذلك في اختلاف الرأي حول قضايا عديدة، ومن الطبيعي أن يسعى كلٌّ منا الي إقناع الآخرين برأيه أو التسليم بأنه علي الصواب. وفي هذه المنافسة يجب أن لا تكون أسلحة سباقنا بلورة نواقص الآخرين بدلاً من استخدام الحجة والمنطق في طرح رؤيتنا. هذا وما لم تكن المنافسة شريفة ومعتدلة قد يتحول الخلاف فيها الي أحقاد وعداوات شخصية، كما أن اختلاف الرأي لن يفسد للود قضية كما يقولون، وما دام الود باقياً بين المتنافسين لن يطول الوقت حتى تلتئم خلافاتهم أو يتم تجاوزها وتأجيلها الي حين. وخلال ذلك يعيش الفريقان عملية المد والجزر في حجم ومساحة الخلاف والنزاع بينهما.

 

أما محاولة توسيع شقة الخلاف بينك وبين من لا يمكنك الاستغناء عنه فهي لا تعدو أن تكون مضاعفة لنقاط ضعفك ليس إلا. من غير الممكن الاستمرار علي تقييم واحد لمن اختلفت معه مرة ولا أن تقيسه بخطأ بدر منه يوماً ما. ذلك أن لكليكما رؤية لا يمكن لأحدكما تغييرها. إن ذلك لن يتغير إلا بعوامل ذاتية نابعة من الإرادة المحض لصاحب الرؤية ولن تكون الغلبة في ذلك التغيير لما حاولت أنت إلباسه إياه من قميص لم تحسن تفصيله.

 

يجب الانتباه الي أن من المألوف في الكثير من المناسبات أن تجد شخصاً أو تنظيماً يرى أنه علي الصواب وأحق بالاتباع أكثر من الآخرين. إن الإكثار من هذه المعارك الدونكيشوتية له خطر عظيم علي استمرارية الروابط الأزلية والقواسم المشتركة بين مكونات الفريق الواحد والتي يصعب فيما بعد إعادة رتقها. لكن كلما كان هناك نوايا حسنة بين الفرقاء يمكنهم التلاقي في منتصف الطريق وإعادة ما تصرَّم من وشائج. وهذا ما يجعلنا ننادي بأن تنبع قوتنا من أنفسنا لا اعتماداً علي أخطاء وعيوب الآخرين.              

Last modified on Saturday, 05 November 2016 20:21