الثقافة والتراث في ليالي مهرجان فرانكفورت2014م الغنائية والموسيقي

2014-09-08 21:43:39 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in المقالات العربية Read 33902 times

الثقافة والتراث من أهم مميزات ومقومات الشعوب، فالثقافة تدمغ بخصوصيتها كل ما يهم الشعب من سلبيات أو إيجابيات. وكل النظم الاستعمارية والدكتاتورية لمعرفتها بالأهمية القصوى لتأثير الثقافة والتراث علي الشعب غالباً ما تلجأ الي فرض ما تراه مناسباً لها من عادات وثقافات ومحو

تراث وثقافة تلك الشعوب. ونظام الهقدف الدكتاتوري وسياساته القمعية خير نموذج لهذه الحقيقة.

الكل يعلم أن بلادنا تمتلك تراثاً ثقافياً زاخراً يجب أن يحفظ ويرعى بعناية. والتغيير والتطوير الثقافي لا يتم بين عشيةٍ وضحاها ولا بقوة وإرادة الطبقة أو الفئة الحاكمة لكنه عملية تغيير بطيئة وواسعة تشمل كافة المجالات الحضارية، السياسية، الاجتماعية والاقتصادية


احترام الانسان، صون العقيدة الدينية، الوفاء بالعهد، التعاون في السراء والضراء، توقير الوالدين وكل المسنين، حفظ ورعاية وسائل العيش والانتاج وغيرها من التقاليد كانت من مميزات الشعب الارتري المشهودة، ولكن كل تلك القيم تشارف اليوم علي النهاية وتحل محلها قيم بديلة غير شريفة. وتأثراً بعمليات الغدر والخيانة التي يمارسها النظام نفسه علناً نرى الأسر الارترية تتجسس وتبلـِّــغ علي بعضها البعض، وقل الشيء نفسه في بقية القيم. بل نرى النظام يحاول حرمان الشعب من السير قدماً في ركب الشعوب المتطورة ويحاول تسميره في قيم الحرب والبغضاء بنفخ الروح التفاخرية فيه لحاجة في نفسه، بينما عرف الشعب الارتري بالتواضع ونكران الذات، فهو يتحدث عن الآخرين ويثني عليهم، ويتأفف من الثناء عليه حتى من قبل الآخرين. بل تراه يصف ثقافة النظام اليوم بالأمر الفارغ.

إن قيام المعارضة بمحو الثقافات والآثار المدمرة للنظام واستعادة الطباع والمميزات الارترية السمحة وإن كان أمراً يرتبط بإسقاط ذلك النظام من حيث الزمان والمكان، إلا أنه يجب أن يكون الاهتمام بهذا الأمر في كل الأوقات محط اهتمام ورعاية الكل فيها. ذلك أن القيم والعادات النبيلة من أهم مقومات وأسلحة الشعوب، كما أن هذه القيم من أهم وأنبل ما يمكن توريثه للأجيال الشابة.

عند مقارنة مهرجان فرانكفورت 2014م ببعض مهرجانات وأنشطة نظام الهقدف الدكتاتوري، يميل مهرجاننا الي تثمين قدر تجاربنا النضالية واحترام مناضلي شعبنا، كما يثمن عالياً دور كل التنظيمات المقاتلة التي ساهمت بقدرٍ وآخر في إحراز الاستقلال الارتري. أما ما نراه يصدر من بعض القوى الوطنية من كتابات مجهولة المرجعية مما يسمى بالمحاولات التأريخية والتوثيقية فتعمل علي تقزيم التجربة النضالية الارترية والاستخفاف بها، فهو ليس بتأريخ وليس بتوثيق. أما مهرجاننا وكافة وثائقنا فتحرص علي أن كلا تجربتي الجبهة والجبهة الشعبية تجربتان وطنيتان ملك للجميع وليستا حكراً علي البعض دون البعض الآخر. إن مهرجاننا كثيراً ما يشهد تجارب لشباب ارتري مفعم بالحيوية والتواضع الجم، فهؤلاء الشباب علي ما لديهم من قدرات وخبرات نالوها بجهدهم الأكاديمي والبحثي كثيراً ما يبدون الحياء والتواضع أمام تجارب ووجود من يكبرونهم سناً، دعك عمن أعطوا وضحوا سنين غالية من أعمارهم، وهذا إن دلَّ علي شيء فإنما يدل علي أننا قد تمكنا من هزيمة المسخ الثقافي الحديث لشبابنا علي أيدي ثقافات الهقدف وزبانيته.

بينما يكون ديدن الفرق الموسيقية الهقدفية العزف علي أوتار الحرب وشرورها فقد شهدت ليالي مهرجان فرانكفورت 2014م الغنائية غناءاً واقعياً ذا عمق فلسفي تأملت من خلاله في حادثة لامبيدوزا المأساوية التي وقعت في 3 / 10 / 2013م وراح ضحيتها أكثر من 360 مهاجراً ارترياً حزن عليهم العالم بأسره عدا نظام الهقدف الذي استخف بمأساتهم بوصفهم بضحايا الهجرة غير الشرعية. الفنان المناضل المخضرم / إيوب هيلي الذي ظل يحمل أداوته الموسيقية الشعبية ( كرار، ربابة، واطا) منذ عهد التحرير وحتى اليوم، عنديت عقباي أيضاً بإسهاماته الغنائية الحديثة المواكبة، مدهني هبتزقي بأغانيه المتنوعة اللغات، هؤلاء وغيرهم برهنوا في هذا المهرجان أن الفن والتراث الارتري ما يزالان بخير.

 


الفنان/ عنديت عقباي استنهض الهمم بعزفه علي أوتار الماضي التليد للبطولة الارترية والأدوار الوطنية الخالدة لتنظيمي الجبهة والشعبية، مما أثار حماس الجميع للرقص وقوفاً أحياناً واهتزازاً علي الكراسي حيناً.

الكل يعلم حساسية الهقدف من وسائل الاعلام الخارجية للدرجة التي أغلق فيها مكاتب وكالات الأنباء والصحافة الأجنبية بالبلاد. أما مهرجان فرانكفورت فكالعادة كان مفتوحاً للجمهور من أين ومتى جاء، ولوسائل الاعلام كبيرها وصغيرها، رسميها وشعبيها، حيث لم تكن هناك لافتات من نوع (ممنوع التصوير والاقتراب)، أو (هذه القاعة أو هذا الممر أو هذا المرئاب لكبار الشخصيات والزوار فقط) ....الخ. أيضاً كان المهرجان وسيلة اعلامية هامة للنشر والتوزيع ومنبراً حراً للتعبير استفاد منه الكل بغض النظر عن الحجم التنظيمي واللون السياسي أو المدني، علماً أن كل نشاط أو اتفاق بين تنظيمات المعارضة لا يمر بهذه المشكاة الشفافة للعمل لن يرى النور.

علينا نحن الذين نعمل في سبيل الحرية والعدالة والقانون أن نرشد ونحفظ ونطور تراثنا الفني وغيره بل ونجعله أحد أسلحتنا الإيجابية في نضالنا من أجل الديمقراطية. كما علينا أن نفهم أن إزالة نظام الهقدف تبدأ بهدم القيم الرذيلة التي غرسها وسط شعبنا كالرشوة والفساد والاستهتار واليأس والإحباط.

إذاً لنجعل من إيجابيات مهرجان 2014م دليلنا للتغيير الإيجابي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

Last modified on Saturday, 13 September 2014 06:44